المؤلف الموسيقى جوني هاشم.. ماذا عن تكريم العالم له! وما المفاجأة التي تحضرها له بولونيا؟

جوني هاشم مؤلف موسيقي لبناني، يجول العالم بتكريمات وحفلات، وآخرها كان حفل السفارة البولونية في لبنان لمناسبة العيد الوطني لجمهورية بولونيا، بحضور سفيرها Wojciech Bożek والمعهد الوطني العالي اللبناني للموسيقى بحضور رئيسه بالإنابة الدكتور وليد مسلِّم، والذي جرى على مسرح كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين في منطقة الأشرفية. الحفل تخلله عزف لمقطوعات موسيقية لأربعة مؤلفين عالميين من بينهم الهاشم، والذي ضم حشداً من الرعايا الأجانب واللبنانيين.


مؤلفات الهاشم وعالَمِيته المطموسة في لبنان، وتقصير المعنيين في الوزارات المتلاحقة، وآخر التكريمات في هذا اللقاء:
- أعتبر أن الحفل الذي أقيم مؤخراً تحت إدارة قائد أوركسترا بولوني عالمي لتقديم إحدى مقطوعاتك الموسيقية، أعتبره تكريماً لك. ما رأيك؟
• أحسستُ فعلاً أن عزف مقطوعتي خلال حفل السفارة لعيدها الوطني فخر لي.
- كيف تم اختيار معزوفتك؟
• حصل ذلك بعد أن أرسلوا للمايسترو يان ميلوش زاجيسكي Jan Milosz Zarzycki إلى بولونيا إحدى مؤلفاتي وهي (معركة السديم) ليتم عزفها إلى جانب مقطوعات لموسيقيين عالميين، خلال الحفل، وقد أعجب بها جداً، لدرجة أنه أرسل لي يهنئني عليها، وقال لي حرفياً: It’s very interesting وطلب الإذن ليحصل على أوراقها، كما سألني أمراً، كان مفاجأة بالنسبة لي، لكني لا أود ذكره في الإعلام حالياً.
- لقد أخبرتني، وهذا سبق صحافي تحرم قرائي منه! كما هو فخر للبنان.
• (يضحك) بالطبع لكني سأتمهل قليلاً قبل نشره.


- بدا واضحاً خلال الحفل أن المايسترو يتعاطى مع مقطوعتك (معركة السديم) بكثير من الحماس، وكأنه يعزف قصة ما، ويُعبِّر عنها بكل مشاعره، وهي التي عُزفت بعد ثلاثة مؤلَّفات لموسيقيين عالميين.
• تصرَّف على هذا النحو أيضاً خلال التمارين مع الفرقة، والتي استمرت أسبوعاً كاملاً قُبيل العرض، فكان يراعي أدق التفاصيل، وينتبه لأصغر الأخطاء، وقد أحبه أعضاء الأوركسترا لذلك.
- إن معظم أعضاء الأوركسترا الفلهارمونية اللبنانية هم من كبار أساتذة الموسيقى، لذا سيميزون قائدهم إن كان يستحق الوقوف أمامهم ليديرهم أم لا.
• بالطبع. وبعضهم لديهم خبرة لا تقل عن 20 عاماً، ويعملون سوياً كـَ أوركسترا فلهارمونية منذ 17 عاماً. هم محترفون مخضرمون ولا هُواة بينهم.
- ما كانت تعليقاتهم؟
• وجهوا لي الكثير من التعليقات الجميلة أشكرهم عليها، وقارنوا مقطوعتي بأعمال الأساطير الذين عزفوا لهم، كما قالوا: إن الـconductor (قائد الفرقة الموسيقية) فهم موسيقاك جيداً وقدمها بشكل رائع. بالنسبة للمايسترو، لقد وُلِد هذا الرجل ليكون قائد أوركسترا. إنه موهوب ويحب الموسيقى. وكل الظن أن التعاون الكبير بين المؤلف والمايسترو وأعضاء الفرقة أنتج هذا العزف الرائع الذي سمعتموه.


- إختفى قادة الفِرق الموسيقية المبدعين هنا، ولم يعد لدينا سوى الكبار الذين نعرفهم.
• صار الأمر "بهدلة" في لبنان، حيث ترين حلاقاً مبدعاً في مهنته، لكنه يذهب إلى العمل الموسيقي.
- خلال عزف مقطوعتك تفاعل الناس معها وصفقوا كثيراً؟
• وصلني كل ذلك عندما صعدت إلى المسرح ورأيت تعابير التقدير على الوجوه وشدة التصفيق، وهذا دليل على أنه ما زال في لبنان جمهور مثقف راق من محبي الموسيقى الكلاسيكية، وهذا العدد مرشح للازدياد.
- كيف كان شعورك مع كل هذا التفاعل ووجود اسمك إلى جانب عمالقة أجانب ذهبوا منذ سنوات؟
• هذا امتياز كبير لي، ولا أستطيع وصف شعوري. شعرتُ هكذا للمرة الأولى في العام 2014 مع إدارة مايسترو إيطالي حين عزفت الأوركسترا مقطوعة لي بعنوان (الهزيع الرابع) مدتها خمس دقائق. هذه المرة الثانية في لبنان تُعزف لي مقطوعة موسيقية، تحت إدارة أجانب فـَ (سديم) مدتها ثمان دقائق ونصف.
- ما الفرق بين المقطوعتين؟
• الفرق بينهما أني وضعت في (سديم) أعمق ما يكون من مشاعري. عملت عليها بطريقة غير مسبوقة، إلى جانب النضج الموسيقي الذي وصلت إليه في الوقت الحالي، وأقول الوقت الحالي لأن الإنسان يستمر في التعلم إلى أن يموت، لكني بالخبرة التي أنا عليها اليوم، أعتبر أن هذه المقطوعة إنجاز عظيم بما حملته لي من أصداء.


- عمل كهذا كم يأخذ وقتاً لكتابته؟ ولماذا اخترت هذه القصة بالذات لتأليف موسيقى لها؟
• صراحة كنت في منطقة البحر الميت منذ فترة، وفي نفس المكان الذي حصلت فيه هذه المعركة، والتي يصفونها بمعركة الملوك التسعة، لا أعلم لماذا جالت هذه القصة في رأسي، وبدأتُ باستعادة مشاهدها، والإحساس بها، حتى رائحة الهواء هناك ساعدني لأتذكرها، رغم أن الزمن الذي حصلت فيه سبقني بأكثر من ثلاثة آلاف عام.
- إذاً كتبتها في الأردن؟
• لا.. حملت معي تلك المشاهد إلى لبنان وأوكرانيا، وكتبتها على مدى ثلاثة أشهر بين البلدين.
- تتأثر كثيراً بالمناطق والطبيعة، وتترك الأمور تختمر في رأسك ومن ثم تترجمها بالكتابة الموسيقية.
• تماماً.. حصل معي الأمر عينه عام 2003 وكنت في لوزان بسويسرا. ذهبتُ ليوم واحد إلى زوريخ، وبعدها بثلاث سنوات تذكرت كل ما تركته بي تلك المنطقة، وألّفتcloudy day in Zurich (يوم ضبابي في زوريخ) وهي كلارينت كونشرتو، أي حوار لآلة الكلارينت مع الأوركسترا، مدتها 20 دقيقة، كانت الماسترز لي، حتى أني عدتُ عام 2009 لأرى ما تأثير المنطقة بعد عودتي لها وكتابة المعزوفة.
- مؤلفاتك بمعظمها لها طابع ديني أو تاريخي، أين الحب منها؟
• أكبر عمل لي هو بيانو كونشرتو مؤلف من 160 صفحة، وكنتُ صغير السن، وهو قصة حبي الأولى التي حصلت في جبال السلط في الأردن عندما كنت في مخيم هناك.


- ما هي موسيقاك المفضلة، وأقصد هنا ضمن المعزوفات الكلاسيكية؟ وأي آلة تحب سماعها تعزف لك إلى جانب البيانو؟
• أحب الفرنش هورن، وهي آلة نفخ أحسها من أعذب الأصوات. واخترت كتابة الـNeo-Romantic لأني أراه جميلاً وله هوية خاصة، وهو أقرب لفاغنر وراخمانينوف بطريقة تفكيرهم. فيه جمال مع كل التقنيات رغم صعوبته. ليس فيه عرض عضلات ولا مثل الحديث المعاصر الذي يتضمن ضجيجاً أكثر.
- لم أحب الفن المعاصر يوماً، ولا بأي نوع من الفنون، ما رأيك؟
• الأمر سيّان بالنسبة لي. إشتهرت أوروبا لفترة من الزمن بالرسومات التشكيلية، ومن ثم لفظها كثيرون وعادوا إلى الرسم ذي المعاني الجميلة. كذلك فعلوا بالنسبة للموسيقى، حيث عادوا إلى اللحن المفهوم غير العبثي. الإنسان في حياته يحتاج الأشياء العملية والمفهومة في كل أموره، ومثال على ذلك عروض الأزياء التي ترين العارضات فيها يرتدين أزياء عجيبة غريبة، ويقولون عنها معاصرة، لكن لا ترين أحداً في مجتمعاتنا يرتديها، وهذا الفشل بعينه.
- حشريتي تدفعني لأسألك وأنتَ مؤلف موسيقي صغير السن، وفي جعبتك 35 عملاً، وصل عدد منهم إلى العالمية: هل تمسك سيجارة خلال التأليف، وتعصر دماغك مثلما نرى بعض الكُتّاب والمؤلفين والصحافيين يفعلون؟
• ضحك من قلبه وأجاب: أولاً، أنا لا أدخن. ثانياً، معظم أعمالي أتابع تأليفها من الصباح الباكر حتى الظهيرة، وأكون في تلك الأوقات غزير العواطف والأفكار. أجلس في مكتبي وليس في القهاوي مستعرضاً. ثالثاً، لا يهمني في أي بلد أو منطقة أكون لأكتب، فقط أحب أن أكون وحدي في هدوء تام مع البيانو، كما أن الخبرة تجعلني أستحضر مشاعري في أي وقت للتأليف، لكن لا شك أن بعض الأوقات تمر أكون فيها أكثر غزارة. رابعاً، أنا أشبه الناس العاديين بلباسي وشعري كما ترين، "ما في شعر منكوش" ولا أي من تلك القشور التي يتباهون بها. هؤلاء لديهم حالات نفسية إلى جانب الموهبة التي يتمتعون بها.
- كنتَ أستاذاً في الكونسرفاتوار، لماذا توقفت؟
• علَّمتُ عشر سنوات الموسيقى النظرية والخاصة بالتأليف، كما كنتُ عازف بيانو مرافقاً للأوركسترا، وتوقفتُ لأني أحسستُ أن التعليم سيحد من انطلاقي، وطالما ما زلتُ قادراً على العطاء، فيجب أن أجول العالم، آخذ منه موسيقى وأعطيه موسيقى، وأعتبر أن السنوات التي قضيتها بالتعليم كافية، كما أؤمن أنه يجب أن أتمرس بمهنتي قبل أن أعلمها، مثال اللاعب الذي يختبر الملعب وبعد فترة يصبح مدرباً وليس العكس.


- ما هي الدول التي عزفت فيها خلال حفلات موسيقية؟
• لقد عزفت solo أي عزف منفرد على البيانو في 14 دولة مختلفة، منها أربع مرات في فرنسا، سويسرا، ألمانيا، إنكلترا، البحرين، أوكرانيا، الإمارات، النمسا، الأردن، إسبانيا، مصر، قطر وغيرها، حتى أني كنتُ في كوريا ضمن فعاليات مناسبة عيد الإستقلال الكوري منذ نحو أربعة أشهر. لاحقاً سأكون في سويسرا للعزف في حفل موسيقي، لا تتخيلي كم هو مثقف هذا الشعب. أحد رجال الأعمال سألني عن تاريخ ذهابي إلى سويسرا لترتيب عطلته الصيفية مع عائلته، فتكون في تاريخ واحد مع حفلي هناك. وفي العام الماضي وضعت وزارة السياحة السويسرية على موقعها الرسمي الحفل الذي قدمتُه مع تاريخ الحدث وإسمي وكل شيء.
- متى كانت انطلاقتك نحو العالمية؟
• كانت عام 2009 عندما ربحت الجائزة العالمية للموسيقى في فرنسا، وذلك ضمن مسابقة دولية، من بين عدد من المتسابقين من حول العالم، وتلاها عزف الأوركسترا الفرنسية لمعزوفاتي في منطقتين فرنسيتين. وهنا لا بد أن أشكر الإعلامية مي منسّى التي كتبت الخبر وما تزال تلاحق أخباري وكذلك الـMtv التي غطته حينها. الآن لدى عدد من البلدان بروفايل عني ولا أعرفهم، فالموسيقى لا حدود لها.
- طالت شهرتك العالم من مشرقه إلى مغربه.. يطلبونك باسمك واسم مؤلفاتك الموسيقية، وفي لبنان قلة يعرفونك. لماذا لا تقدم حفلات موسيقية تظهر فيها كمؤلف؟
• صراحة أود شكرالإعلام الذي ينصفني حسب أعمالي هنا، فهم يتابعوني على قدر استطاعتهم، لكن المجتمع والرأي العام غائب. وأشكر الكونسرفاتوار بالطبع، فهو أكثر من يقدِّر عملي، ويشرِكني هو أيضاً على قدر استطاعته، خصوصاً عزف الأوركسترا لمؤلفاتي، وهذا تاريخي، لكنه كل ما يستطيعون فعله، وهو كمعهد مظلوم بدوره من قِبل الدولة والإعلام، كما أن الموسيقى الكلاسيكية "ما إلها خبز بلبنان".


- الكونسرفاتوار خسر الكثير من حقوقه وأولها وأهمها عدم تأمين أبنية تليق بالأساتذة والتلاميذ، ثم الرواتب التي لا تناسب غلاء الحياة بكل ما فيها.
• هل تعرفين أن بعض الأساتذة المخضرمين لديهم مؤلفات، ويحملون الدكتوراه، ولديهم ثلاثون سنة من الخبرة، وهم من كتبوا المناهج الدراسية كل حسب مجاله ويضطرون للعمل إلى جانب "طرطوق" يغني؟ كل ذلك فقط لزيادة 100 دولار على رواتبهم لتأمين متطلبات حياتهم، وهذا لا يحصل في دول العالم المتحضر. لبنان يحمل حقائق مقلوبة، كأن يكون الدكتور تلميذ لدى تلميذه.
- لم يعد لدينا ثقافة موسيقية.
• سافرتُ إلى أوكرانيا للعزف في دار الأوبرا، والذي ترتفع شرفاته أربع طبقات عن المسرح، في مدينة جيتومر. كان المكان  ممتلئاً بالناس من سن خمس سنوات حتى الـ90. قدمتُ ساعة ونصف من العزف المنفرد على البيانو ولم يتوقف التصفيق، وكتبت الصحف عن الحدث، حتى أن حاكم المنطقة، حضر الحفل، وقدم لي هدية الولاية على قدر ما سمعه عني وهي البذلة الأوكرانية حتى أني لا أعرف لغتهم، كل ما نتواصل من خلاله هو الموسيقى، وفي لبنان يسخرون من الآلات والعزف عليها، "شو بدنا نحكي"؟
- أعتقد أننا في زمن يركض فيه اللبناني خلف لقمة عيشه وخلف المظاهر.
• يركضون نحو الفساد والثقافة المنحطة. الملايين تُصرف على برامج لا معنى لها. فإن وفروا المال الذي يعطونه لثلاثة فقط، يغطون عشر حفلات موسيقية للأوركسترا لنشر الوعي تجاه ثقافة الموسيقى. لا شك أن هناك أمور تجارية، لكن هؤلاء الموسيقيون هم مرجع للدولة وسيذكرهم التاريخ.
- ستنشر يوماً مؤلفاتك لتكون بمتناول من يريد عزفها؟
• هذا مشروع ليس ببعيد، كما سأزيد على الكتاب الذي سيضم آخر المؤلفات، CD، وسيكون باستطاعة العازف القراءة وسماع الموسيقى.


- هل لي بسؤالك عن مستوى الغناء في لبنان، ولماذا هذا العدد الكبير من المغنين رغم أن نجوماً من الكبار لا يعملون؟
• صار الغناء هو العمل الأسهل، ولدينا فكر سائد أن من يفشل بكل شيء باستطاعته الغناء، لذا ترين مغنين كثر رغم بشاعة أصواتهم وانعدام مواهبهم. حتى أن اللواتي يتعرين من الفتيات يقولون عنهن استعراضيات، وكلمتهن هي الأهم. لبنان يُبنى على هذه المبادئ حتى في السياسة، إذ يأتون ببعض الناس من الشارع لا يفهمون بمهامهم ويضعونهم في مراكز حساسة ويصبحون هم القدوة. حتى أن بعض الناس مرضى بالشهرة. الآن وصلني من أحدهم: "شوفوني أنا بمطعم الفلاني". للأسف إن بعض البرامج الفنية مثل ستار أكاديمي تضع في بيوتنا أصواتاً يحب الناس أصحابها فقط، لأنهم تعودوا عليهم. فيصيرون idols ويُنَظِّرون علينا. (يستدرك) الشهرة صارت أهم من الثقافة في أيامنا، وقد حصل معي ذات مرة أن ذهبتُ إلى مطبعة من أجل الـbusiness card خاصتي، فعاملني الموظف بكثير من التعالي، وسألني ماذا أعمل ليساعده الأمر على رسم البطاقة، شرحت له أني مؤلف موسيقي وأستاذ بمادة كذا وكذا، ولم يُعجبه الأمر وبقي يتعالى، وإذا به يسألني: "أنا كأني شايفك".. فأجبته أني أعزف على البيانو في أحد البرامج التلفزيونية مع شاعر معروف وأرتجل الأجواء الموسيقية للجلسة. فوقف قائلاً: "إيه عرفتك، أهلا بالإستاذ، جيبولو قهوة". إذاً ليست ثقافتي أو مؤلفاتي ما جعلتني أستاذاً لديه، بل ظهوري على التلفاز، هكذا صار مستوى معظم الشعب اللبناني. "كل واحد عامل إمبراطورية، وشايف حالو كأنو شي".
- تماماً، إنقرض التواضع.
• هل تعلمين أن قائد الأوركسترا البولوني يان ميلوش خلال التمارين مع الأوركسترا، والتي كنا نقوم بها في الكونسرفاتوار فرع زقاق البلاط، كانت حجزت له سفارته في أوتيل بالحمرا، كان يمشي إلى هناك نصف ساعة، رغم حرارة الطقس وعدم معرفته بالبلد. هذا الشخص متواضع رغم أهميته الكبيرة في بلده وعالمياً. هذه طبيعتهم، فهو لم يُمثل التواضع أمامي، رغم أنه كان يخبرني عن برنامجه بين إيطاليا وأميركا وكندا، وهو أستاذ في جامعة فردريك شوبان للموسيقى.


بيروت تحتضر تحت الركام، أين أبو فاعور؟ "ومش ناقص غير ملك جمال النفايات بعدو ما بيَّن"..
لبنان يحتضن مبدعين في كثير من المجالات، يقدرهم الأجانب ويقدمون لهم الحق المعنوي في إبراز إبداعاتهم، أما في الوطن.. حدِّث ولا حرج. بعد أن كانت بيروت سيدة الحضارة والرُّقي والإبداع والفن، ها هي تحتضر تحت ركام لا يعلم إلا الله متى سينفضه عنها مثقف ما.. كانت انطلاقة النجوم من لبنان إلى العالم، والآن يحصل العكس. صار لبنان مدفناً لكل فنان ومركزاً لكل من لا عمل له سوى الغناء. فليخبرني أحد ماذا تعمل وزارة الثقافة في لبنان غير مشاهدة حفلات ملوك وملكات الجمال التي صارت يومية، حتى الجبل والوادي والتفاحة صار لهم ملك جمال، "ومش ناقص غير ملك جمال النفايات بعدو ما بيَّن"؟ أين وزارة الثقافة من أرشفة أعمال المبدعين وإظهارهم ضمن أجندة سنوية معينة في بلدهم الأم؟ أين هو تكريم المبدعين بعد كل عمل عالمي؟ من يهتم بهذا الأمر؟ هل نرسل خلف الأستاذ أبو فاعور لِيُعلِّم كل صاحب مكانة ما هي واجباته ضمن مركزه؟ حبّذا لو أن كل وزير هو أبو فاعور في وزارته.
سهير قرحاني
للمثقفين فقط

Comments are closed.