Tag Archives: Severn Suzuki

التعري تضامناً مع

التعري تضامناً مع.. ماذا حقق إلى الآن؟

مادونا.. هل حقاً تتعرى لأسباب إنسانية؟

طريقة التعبير غير المبتذلة تبقى للأبد.. وإن لم تُحقق مبتغاها

من أرشيف مجلة الهديل

بدأت مع التسعينيات هجمات الأوروبيات والأوروبيين للتعري في تظاهراتهم، وخصوصاً تلك التي تختص بالدفاع عن البيئة، ومن ثم سادت هذه الظاهرة في عدد كبير من دول العالم، إلى أن وصلت إلى فتيات بعض الدول العربية، ومنها مصر وتونس خلال ثورات الربيع العربي، وذلك لأجل الحرية الجسدية للمرأة والثورة، وقد لحقت بركْب هذه العادة، المغنية الأميركية مادونا، وكأنّ لغة الكلام التي يمتاز بها البشر، ما عادت هؤلاء النسوة قادرات على إيصالها لسبب يخصهنّ وحدهنّ..

عندما نتخطى القدرة على إيصال الفكرة عبر الكلام
أو وسائل الإيضاح المعتمدة.. لا نعود بشراً

عندما يتخطى الإنسان قدرته على إيصال أفكاره عبر الكلام، أو الكتابة أو التعبير بأساليب خاصة بالبشر، معناها أنه سيلجأ إلى أي وسيلة تخطر بباله على حجم الثقافة التي يتمتع بها، وإن كان عبر أساليب ملتوية أو إجرامية، ويبرر لنفسه كل أفعاله بعيداً عن أي منطق، وهذا بالتأكيد قمة الفشل الفكري للإنسان.

ومما حصل إبّان ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وغيرها من الدول العربية، سابقة تعري الفتيات اللواتي يطالبن بالحرية النسائية، وحرية الجسد والرأي، بعد أن كانت المطالبة لسنوات بعدم جعل جسد المرأة سلعة للبيع. وقد تعرّت إحداهن وانتعلت حذاءً أحمرَ وجواربَ سوداء طويلة وقالت لأهداف إنسانية.. ألم يكن هذا للمتاجرة بجسدها وهي التي تستعرض صوراً لها باستمرار على الفايس بوك الخاص بها على هذا الشكل؟ وماذا حققت من مطالبها إلى الآن؟ بالطبع لا شيء سوى تنكّر عائلتها ومحيطها لها، لأنها خرجت عن آداب أخلاقياتهم الإجتماعية والدينية، وصارت بائعة هوى، تعيش مع شاب في مسكن واحد، دون أي علاقة شرعية. فهل هذا ما تريده فتيات اليوم؟ هل يطالبن بأن يصبحن بائعات هوى؟ وإن صرن هؤلاء أمهات، فعن أي جيل مقبل نتكلم؟

مادونا الأميركية.. لماذا تتعرى؟

النجمة الأميركية مادونا صارت عندها قصة التعري على المسرح عادة متنقلة من دولة إلى أخرى، خصوصاً بعد أن نشرت لها منذ أكثر من ثلاث سنوات صوراً تبدو فيها بحال من الترهل الشديد بعد أن أوقفت التمارين الرياضية لفترة، وكأنها الآن تريد أن تثبت أمرين أولهما أنها استعادت شباب عضلاتها وبشرتها، وثانيهما، باستطاعتها أن تكون مادونا المثيرة رغم تقدمها بالسن، وهو ما اشتهرت به منذ بداياتها، بعد أن تغلبت على الراحل مايكل جاكسون في حمل اللقب لسنوات. مادونا تعرّت في تركيا، وفرنسا وأميركا وكان آخرها في لوس أنجلس عندما ادعت بأنها تتعرى لأجل الطفلة الباكستانية التي أطلق عليها النار مسلحين لمطالبتها بحق التعليم للفتيات، وقد بدأت تتعرى بطريقة لم تكن عادية بل وكأنها راقصة تعرٍ في ملهى تخلع ثيابها رويداً رويداً، واستمر الصراخ والمطالبة بالمتابعة، حتى كشفت المادونا عن ثدييها عدة مرات.

تعرّت مادونا على المسرح.. ماذا بعد؟؟ ماذا حققت من عُريِّها إلى الآن؟؟ لا شيء بالطبع، فهي لم تحرر السودان من يد الموت جوعاً وعطشاً ومرضاً، ولم تبنِ المدارس للأفغان والباكستانيين ولم تحرر عقولهم من مرض الرجعية والتطرف نحو اللا دين، لأن الدين يطالب بالعلم وليس بالجهل، وكانت نساء أهل البيت وزوجات أصحاب الرسول من أفقه النساء. وبالطبع لم تُلهِ أرباب الحروب من بني دولتها المتاجرين ببيع الأسلحة لزرع المزيد من الدمار بغية الربح المادي لا غير. ولم تصحح عقول العرب الذين انقادوا نحو المال والمتاجرة بالمرأة خير متاجرة بعد أن نسوا أنهم أصحاب الكتاب الذي يتعلم منه علماء الـNasa ليقفوا عند علاقته بالفيزياء وبكل علم.

مادونا تعرَّت لـِ لا شيء يتعلق بالإنسانية، فقط لتثبت أنها تملك جسداً مشدوداً ومثيراً في آن، فهي إن لم تفعل، لن يحضر الكثير لشراء تذاكر حفلها في أي بلد كان، وإيضاً إن لم تفعل لن تبيع ملايين الأسطوانات كما كانت في بداياتها. إذاً مادونا تدَّعي القضايا الإنسانية فتتعرى ولا أحد يربح سوى هي وشركتها المنتجة والتي تكون ربما صاحبة فكرة التعري، وبعض الأغبياء الذين يشاهدونها لست أو سبع دقائق تتعرى وهم قادرون على مشاهدة أكثر من ذلك عبر الإنترنت خاصتهم والذي لم يعد من رادع له.

الطرق غير المبتذلة هي التي تبقى.. و Severn Suzukiأكبر برهان

رغم كل تلك الفضائح المتعلقة بشذوذ الفكر الذي يملكه عدد ليس بكثير من رواد المطالبة بالحقوق، فإن الحال واحد ولم تحقق طريقتهم غير الإنسانية تلك أياً مما يريدونه سوى رفض العالم لهم، ولا أقول هنا أن العقلاء قد حققوا أمراً مما طالبوا به بالطرق المنطقية، ففي العام 1992 وقفت طفلة كندية في الثالثة عشرة من عمرها بين الكبار على منبر قمةUnited Nations Conference On Environment And Development في ريو دي جانيرو في البرازيل، طالبت عبره رؤساء العالم بالتفكير بالقضية البيئية والكثير من القضايا الإنسانية، وأن يفعلوا ما يقولونه وليس الكلام فقط، فقطعوا أنفاسهم لجرأتها وطريقتها في قراءة ما أرادت إيصاله لست دقائق، وهي التي سافرت من بلد إلى آخر لتحضر اجتماع الكبار الأفَّاكين المشاركين بدمار الأرض، فحظيت بدهشتهم وإنصاتهم لها، وأخيراً تصفيقهم الحار، لكنها إلى الآن لم تحظ بضمائرهم أو حتى بلفتة واحدة تنبئ بالخير، إذ إن جارتها أميركا تنص القوانين وترفض تنفيذها، لكن الطرق المشروعة غير المبتذلة هي التي تبقى، فنحن إلى الآن نشاهد Severn Suzuki وبعد حوالى عشرين عاماً وندهش لكلامها، رغم أنها الآن في الواحد والثلاثين من عمرها، لكنها مستمرة بتبني القضايا البيئية غير منتظرة هؤلاء الكذّابين لمساعدتها وهذا هو الأهم حسب رأيها "الكلام وفعل الكلام".

سهير قرحاني