شرعوا الحشيشة في صالات السينما.. وأندراوس لـِ طوني عيسى: إنتَ السبب. ثم صراخ ودموع.. كوميديا، عصابات، ممنوعات، هوس الشهرة والمال، ومفاجآت لا تخطر على بال

منذ أسبوع، استهلت صالات السينما عرض الفيلم اللبناني (شرعوا الحشيشة)، بعد أن سبقت شركة وايز بروداكشنWise Production/ عرضه ضمن avant premiere في Le mall/Dbayeh وذلك بحضور عدد كبير من الضيوف.

(شرعوا الحشيشة) خليط من الكوميديا والرومانسية والدراما، كذلك هو خليط بين حياة المدينة والقرية. وهذا ليس الأهم، بل ما لم يتنبه إليه معظم الزملاء، والآتي أعظم على صعيد الإعلام.

لن أسرد قصة الفيلم كي لا أقتل المتعة بمشاهدته، إذ هناك ما لم يكن في الحسبان، وما يغني القصة بحسب تسلسل الأحداث، مع النجم طوني عيسى.

بل سأخبركم أن الكاتبة داليا الحداد، استبقت تشريع الحشيشة، أي سن قانون لتشريع زراعة الحشيشة في أراضينا، وحسب قولهم لأعمال طبية بحتة، وهو الأمر الذي يتحدث عنه السياسيون والصحافيون ومن يهمه الأمر، منذ عدة أشهر. فكان لـِ داليا فكرتها الأولية والسريعة على ما يبدو، عما سيؤول إليه الأمر في حال تم تشريع زراعة هذه النبتة المخدرة. فكان النص الذي ربط الأعمال "المافيوية" والتجارة الممنوعة وبين الشرطة بقواها المتعددة، وبين من تكسرت أحلامهم عند مفارق هذا الوطن التائه بنفسه منذ أكثر من أربعة عقود. أما العِبَر فكانت مع كل موقف وكلمة، وكأننا في مدرسة المثل المبتكر: "ما وقعت. ما شفت مين وقع"؟
إنه فيلم عائلي بامتياز، يحتاج الأهل مشاهدته أكثر من مرة بغية استيعاب كل العِبر فيه.

رندلى قديح مخرجة متميزة بصورتها، بألوانها وجمال الكادر واللقطات أينما كان، إن في الكليب، أو المسلسل أو السينما. قد يكون الفيلم مبنياً على مشاهد قصيرة جداً، لكن قديح سعت للمشهد الطويل رغم ذلك، حيث بدأت المشهد قبل الكلام بثوانٍ، وكأنها تتحدى المرحلة التي وصلت إليها الحوارات السينمائية والدرامية في لبنان. وهو ما يعتمده البعض لكي لا نلاحظ رداءة أداء الفنانين الذي يُحشرون في التمثيل "بلا عازة".

أبطال الفيلم الثلاثة، من نجوم الغناء والتمثيل والإعلام، وهم فادي أندراوس، طوني عيسى وريتا حرب، إلى جانب منتج الفيلم مجد جعجع، هاغوب دو جرجيان، عدنان ديراني، Joelle Frenn، غدي بشارة ودور مميز جداً وجريء للقديرة ختام اللحام. وكلهم كانوا عند حسن الظن بأدائهم، لكن اللحام فاجأتنا بجرأتها غير المعهودة، كذلك الأدوار التي تحكّم بها عنصر المفاجأة من أول الفيلم لآخره، حيث انقلب الكثير منها، نحو غير المتوقع نهائياً.

ولن ننسى الرسالة المشتركة بين أبطال الفيلم: أن الفقر لا يجب أن يكون يوماً ذريعة للجريمة ومنها السرقة وتجارة القتل (الممنوعات).

عدنان ديراني أراه لأول مرة كما بعض الوجوه في الفيلم، لكني لا أعرف ما هذا الشعور الذي يعطيه بأن هناك أخ سيحمي إخوته رغم الظروف، وأنه متفهم لكل ما يمرون به، والمستطلع قبل أن يكون واشياً أو مؤذياً. بدا أنه مشروع نجم آمل أن يحقق حلمه قريباً.

يبدو أن النجم فادي أندراوس ما يزال مستمراً بتوجيه الرسائل لجيل الشباب والمراهقين، والتي تهدف إلى إبعادهم عن إفساد أجسادهم وأنفسهم. ذلك بعد أن نجا من براثن أذى المتممات الغذائية الخاصة باللياقة البدنية وكمال الأجسام. والتي يتداولها معظم رواد الأندية الرياضية.
هذه المرة، ومن خلال عدسة المخرجة رندلى قديح، قدم أندراوس جملة رسائل جديدة، تمحورت حول عدد من الآفات التي يتعرض لها كل شاب وفتاة، خلال محاولة الوصول إلى شركة إنتاج فنية، بهدف الحصول على لقب مغنٍ، أو مغنية.

بعض هذه الرسائل، سيئات كل من: الحشيشة، المخدرات، الإنغماس في الملذات، الإنغماس في الشهرة الكاذبة، السعي خلف المال بوسائل غير سليمة، المكائد التي يتعرض لها الفنانون بغية الوصول للشهرة، إنْ للفتيات أو الفتيان وغير ذلك.
قد تكون مشاهد فادي أندراوس قصيرة، لكنها معبرة، حيث أدى صورة الفقير، السجين الرث، "المحشش"، الباحث عن لذة أكبر من خلال الكوكايين، المدمن في أقصى درجاته، الإرادة لترك الإدمان بعد وقوف صديقه إلى جانبه، العائد بعد علاج والندم، حتى أنه وخلال مشهد اتهامه لصديقه بأنه السبب بإدمانه وأنه عليه مساعدته، أسكت كل من في صالة العرض وأبكى كل من عاش مشهداً مماثلاً في حياته.

 

ملاحظات:
- أحد المنتمين لصفة (صحافي)ٍ، بعد العرض قال: "ما عمل شي طوني عيسى بالفيلم، ما في شي جديد". هذا الولد الذي عبّر عن رأيه عن أداء طوني عيسى، "هالقد بيعرف" وليس أكثر. أما الوصف الحقيقي للأداء أو الدور أو أي شيء تقني عن الحركات، أو عما نستلمه من انطباعات متأتية عنها، كلها أشياء لا يعرف عنها ما قيمته ليرة لبنانية واحدة. وهذا الصحافي نفسه كاد يرتمي "عا شوي بحضن طوني" لكثرة الكلام المعسول الذي رماه به.
أليس هذا ما وصل إليه النقد الفني في لبنان؟ "حلو ومش حلو. بيفهم وما بيفهم. ممل. واوو". أما الوصف الفني والتقني فغير متوفر، خصوصاً للذين انتقلوا إلى عالم الإعلام عبر الدعارة المتحكمة بعدد كبير منهم.

- خلال العرض، أحد الضيوف صرخ ملاحظة من المعيب قولها، عن دور فادي في الفيلم، حيث قال: إيه هيدا الدور هوي عاشو عنجد (أي أن فادي عاش هذا الدور).. هيك صار معو". وهذا ما لم يحصل معه، لأن فادي بدأ حياته الفنية من خلال برنامج، وضع طلابه على باب النجومية من اليوم الأول له، وهو برنامج (ستار أكاديمي)، ولم يكن لا فادي ولا غيره بحاجة لإسماع أصواتهم لشركة إنتاج بعد أن سمعهم العالم أجمع، كما تبنت النجوم شركة إنتاج لعدة سنوات، بعدها أنتج كل نجم لنفسه.
أما هذا الشاذ الذي صرخ بما اختلج في صدره، فلم أكن أعرف أسبابه إلا بعد أن تنبهت لصوته وشاهدت وجهه بعد أن أضيئت الصالة. وإن كان بليد الحس ولم يفلح دمه بالغليان وعينيه بالبكاء بعد أن صرخ الأندراوس بـِ عيسى: إنتَ السبب. متهما إياه بالمصيبة التي وصل إليها، بعد أن غرق بالتعاطي بالمخدرات لدرجة تفتيت حياته بيده. فهذا الشاذ نسي إحساسه بالحزن وليس فقط بجنسه.


كذلك، سمعت رجلين من المدعويين تكلما بكثير من الأنوثة، فقالا:
أ: "لا لا.. خلي فادي بالغنا أحسن".
ب: "أيه بلا تمثيل، خليه بالمغنى".
حبذا لو هذان المخنثان كانا يفهمان أكثر من الإعلاميين الذين كانوا في العرض، لكنت سعدتُ بهما.. لكن لا ثقافة، ولا حس النكتة وأنهما رجلان يلبسان ثياب الإناث! "كتير هالقد والله.. بدي شي يغطي على شي". ولا يدّعي أحدٌ أن لي ثأر على الشاذين والشاذات جنسياً، لا، إطلاقاً، بل هم إن وُجِدوا بحاجة لمساعدتنا، لكننا في زمن شذوذ الدعارة، وليس شذوذ المرض. إنما قصتهم هي كالتالي: جرَّب، أحب، وهكذا أراد أن يكون.

- ما لم أفهمه، وجود هذا العدد الهائل من المدعوين، حيث اختنق نجوم الفيلم والنجوم الضيوف وغادر معظمهم فور انتهاء العرض، وهذا منافٍ للمنطق، إذ الهدف الأول من العرض الأول هو للإعلام للوقوف على رأي الصحافيين المختصين بالنقد، واللقاء بينهم وبين نجوم الفيلم والنجوم الداعمين لهم.

- خلال عرض الفيلم، مر مشهد لرجلين شاذين ينعتان بعضهما بصفة التأنيث ويتصرفان "بمياعة أنثوية بشعة" خلال قيامهما بمهمة غسيل الملابس في السجن، ونفورهما من هذا العمل. فعلا الضحك من قلوب الحاضرين وكأن الشذوذ الجنسي الذي يتشبه به الرجال بالنساء صار مفخرة. أما خلال عملية الإطباق على تاجر الحشيش، تململ البعض، حيث لم يفهم معظمهم الأسرار التي اكتنفت عملية إسقاط الزعيم. فقالوا أن الخاتمة "ما فيها شي".
هل حقاً صار الناس يسعون لمشاهدة الشذوذ الجنسي بهدف الضحك، ولم يعد هناك قيمة لفك رموز أو تحليل ملابسات؟

- قد يفهم البعض أن السرقة ودخول السجن والحياة داخله، أمر هين، بسبب سهولة وصول الحشيشة وكأنها توزع مجاناً في الداخل، وهذا ما سمعته من ثرثرة بعض التافهين، لكن وجود عنصر المخابرات طوني عيسى داخل زنزانة ينام فيها العشرات بفقر وقرف، لمدة سنتين، كان بهدف الإمساك بعناصر قوى الأمن في السجن، المتواطئين مع تجار الحشيش. (لكن مدة سنتين كان مبالغ بها لسجن عنصر مخابرات).
وكلنا نعرف الحياة البائسة التي يعيشها السجين، خصوصاً قلة النظافة والراحة، ومن ثم الأمراض النفسية المتأتية عن كل ما يتعرض له السجين خلال فترة محكوميته. وكلنا نعلم أن في السجن قد يقضي الإنسان سنوات قبل أن يظهر حكماً ببراءته أو تجريمه. ناهيك عن حالات القتل والبتر والاغتصاب والاستخدام بين تلك الجدران للرجال كما للنساء، خصوصاً بعد تفشي آفة الشذوذ الجنسي بين المساجين والسجينات وغير ذلك.

- أساءني حقاً ما حصل خلال محاولة محاورة نجوم الفيلم، من تدافع وزحمة وكأننا كنا في توزيع إعاشات يوم المجاعة الكبرى. وهذا لا ينفك يحصل في مختلف المناسبات، وعليه، يجب على منظمي هكذا مناسبات دعوة الجسم الإعلامي والفني فقط، دون السماح لأي دعوات للعامة، ليكون هناك فرص للحوارات الصحافية وللنقد بعد عرض الفيلم، بدل أن يقضيها المعجبون بأخذ الصور والبقاء بجانب نجوم العمل، وإحداث فوضى لا لزوم لها.
ومن ثم يقومون بدعوة أقاربهم وأصدقائهم في يوم آخر، ونتلافى ما يحصل كل مرة.

من الموقع الأول للنخبة أول خبر.. كل عمل لبناني هادف وأنتم بخير

سهير قرحاني

Comments are closed.