ذكرى من الماضي.. جورج بستاني

تحية طيبة لموقع أول خبر.. بلا مجاملة، وجدتُ نفسي وفكري في السردِ والتعليقِ في موضوع جرائم متنقلة..
فهذا الكلام هو لسان كل شريف يُريد أن يعيش دون خوف ولا قلق.
كما أعادتني قصة صلاح خلف سنين إلى الماضي..
ماضي النضال من أجل الثورة الفلسطينية واليسار..
أما الآن.. ولماذا كتبتُ ذكرى من الماضي؟
ففي بداية الحرب اللبنانية كان الأستاذ المحامي فايز قزّي، معروفاً عنه أنه بعثي عراقي، وأنا كنتُ ملتزماً في الحزب الشيوعي، وكنا نُعتبرُ من مسيحيي منطقة الجية، الخونة لديانتنا المسيحية، ما يعني أننا كنا في نظرهم، خونة للوطن.
وقد كتبتُ هذا لأُثبِت من هو أكثر مسيحيةً، البعثي، أو المسيحي اليميني المغفّل.
ذكرى من الماضي
كان الطقص بارداً وقارصاً، وكان حي تحت الشير، يعج كل ليلة بأفراد وضبّاط وقياديين فلسطينيين لمجارات الوقوف مع المحامي فايز قزي، في حل مشاكل ومناوشات، لتجنُّب المعارك مع الآخرين.
في هذه الليلة، اختفى كل هؤلاء الأفراد من حي تحت الشير، فساور الشك الأستاذ قزي وقال لي: سيحدث شيء الليلة.
عند العاشرة ليلاً، صح توقعه، واندلعت المعارك.
صعدتُ والأستاذ فايز إلى سطح منزل المرحوم أبو سامي، وحيدِين. فإذا بالظلام القاتم قد تحوّل إلى نور أحمر يغطي سماء الجية والدامور.. لقد اشتعلت البيوت.
نظر فايز نحوي وقال: "دخلك" كم طفل سيحترق، وكم امرأة سيُعتدى عليها. ولم يقل كم رجلاً سيموت.
بل قال: وكم رجل مسيحي سيقتلون الليلة.
لن أحلف بالغالي، قال هذا وعيناه تذرف دموعاً ودموعاً ودموعاً.
ثم قال: هذا هو اليسار التقدمي، يتهم المسيحيين بالتقسيم، وهم مع القيادة الفلسطينية يعملون على التقسيم.
يحق لك أيها القارئ أن لا توافق على كلامي، ولكن.. إنها الحقيقة.
وأخيراً، تحياتي إلى المسيحي الوطني بامتياز، المحامي الأستاذ فايز قزي.
من بلاد الإغتراب..
جورج بستاني

Comments are closed.