شعلة من أملٍ هو. وشعلة من إبداع وخلق متواصِلين.. عاشقٌ للموسيقى وللطبيعة ولله أولاً وآخراً. وعاشق لعائلته الصغيرة والأهل وعائلته من موسيقيين وأصدقاء. جوني هاشم ورغم توقف سلسلة حفلاته للموسيقى الكلاسيكية المقررة حول العالم، بسبب تفشي فايرس كورونا، إلا أن الهاشم لا يتوقف عن إبهارنا بمؤلفاته وإبداعه.
إنفجار بيروت حال بيننا وبين لقائه المرة السابقة، إذ لم ينبغ لنا وخلال أيام الواقعة الأليمة تلك، أن نقوم بنشر لقاء فني، وكنا قررنا المقابلة قبل حضوره إلى لبنان. لكن وفي ظل الظروف المتراكمة، كان لا بد لنا أن نلقي نظرة على مؤلفات الهاشم التي يفرد لها – رغم الحجر – الوقت اللازم. فكان لقاؤنا هاتفياً.
• الحجر في ظل فايرس كورونا، هل قلص أو زاد من وقت التأليف الموسيقي؟
حقيقة ما يزال نفسه. شغفي للتأليف الموسيقي لا يلغيه أو يقلل منه أي شيء. لكن إلى جانب الموسيقى الكلاسيكية، عدت إلى اختصاصي وهو الجغرافيا. إذ صار لدي الوقت الكافي لبعض الكتابات الجيوسياسية، إلى جانب الآراء والتحليلات الاجتماعية والثقافية وبعض الشعر، أنشرها بين الحين والآخر على صفحتي الخاصة فايسبوك. قد يعتبر الناس أن هذا تدخلاً بأمور غير موسيقية، وأن على الموسيقي التأليف والعزف، لكن هذا غير صحيح.
• يعرفك الناس كمؤلف موسيقي نعم. وقد يتساءلون عن سبب نشر آرائك، أو قد يعتبرونه تدخلا منك بالعمل الصحافي ربما. لكن وقبل أن أطرح سؤالي، أحب أن أوضح أمراً للسيدات والسادة القراء.
أن يكون لاختصاصي ما أكثر من اختصاص واحد، فهذا من سمات العظماء، أمثال الفارابي، إبن سينا، أرسطو وغيرهم، فلا ضير من ذلك. بالعودة لسؤالي، هل أنت مشروع صحافي رأي حر؟
لستُ صحافياً، لكني باحثٌ في الأمور الجغرافية/السياسية وهي ضمن اختصاصي. أطالع وأحلل ما يحصل حولنا لنفهم واقع هذه الحروب، وخصوصاً تأثير الجغرافيا على السياسة. هذا كل ما في الأمر.
• لكنك حتى في التأليف الموسيقي الكلاسيكي تكتب قصصاً مصورة واضحة المعالم.
فعلاً. فمؤلفاتي تعبر دائماً عن قصة أو أمر يعني لي. موسيقايَ ليست للترفيه فقط، بل لإيصال فكرة معينة للناس، على عكس بعض المؤلفين.
• زمن الكورونا والحظر وأوقات الفراغ التي يتركها، أعطتك مساحة أكبر للتأليف، لكن أين العائلة من كل ذلك، بعد أن كنت تغيب عنهم بسبب السفر؟
قبل الكورونا كانت النشاطات الموسيقية تنال الحيز الأكبر من وقتي، لكن مع كورونا والوقت الإضافي، صارت الأفكار تتبلور أكثر وتتشعب وظهر ذلك من خلال كتاباتي. رغم أني ومنذ أكثر من عامين كنت قد بدأت أكتب هذه الأمور لكن ضمن سطور قليلة.
تابعَ.. الموسيقى بالنسبة لي مثل المحيط، مهما نهلتُ منها لن أكتفي أنا وهي لن تقل. لكنها جزءٌ فقط من أمورنا الحياتية، لذا بدأت الكتابة. والتي أسعى من خلالها لفائدة الناس.
وبالنسبة لعائلتي الصغيرة والأهل، فأنا أقضي معهم وقتاً أكثر من ذي قبل، وهذا يسعدني. قبل ذلك كنت أسافر أكثر من 25 مرة سنوياً.
• طموحاتك لا تنتهي.. يضحك ضحكة خافتة ضاعت مني إن كانت خجولة أو حقاً ضحكة طموح يحقق أمانيه وأجاب:
لا تكفيني طموحاتي أن أكون مؤلفاً موسيقياً فقط. أو أن أكون رقماً بين المؤلفين. أو أن تعزِف مقطوعاتي أهم أوركسترات العالم – وإن كان هذا من أكثر ما يسعدني. ولا ككاتب ومحللٍ، بل أيضاً أحب العمل الاجتماعي وأسعى منذ عدة سنوات لمساعدة الناس في أوروبا، ذلك من خلال جمعيات أهلية هناك، وبعد انفجار المرفأ وجهتُ بعضاً من نشاطاتي إلى بيروت.
• كيف لك أن تعرف أوساط العمل الاجتماعي في أوكرانيا؟
الموسيقى كانت المفتاح، إذ عرفت من خلالها الكثير من العلاقات وعلى أعلى المستويات في أوروبا والدول العربية ولبنان. ولا ننسى أنني أحمل الجنسية الأوروبية (أوكرانيا). وكم كنت أتمنى لو أن جنسيتي الأم هي التي تسهل لي التنقل والعمل.
• تم تأجيل الحفلات الموسيقية التي كانت مجدولة قبل كورونا، هل نذكر أماكنها؟
كان من بينها آيسلاند/Iceland للمرة الأولى، وتالين عاصمة أستونيا، وفي الدولتين عزف منفرد على البيانو/Solo Concert. كذلك كانت أوكرانيا من بين الدول، حيث كان من المقرر أن تعزف الأوركسترا الأوكرانية موسيقايَ ضمن برنامج فني. أيضاً بودابست/ هنجاريا، مولدوفا وسويسرا التي صرت أعتبرها كبلدي.
• ككاتب ومحلل، ما رأيك بالوضع العالمي المتأزم ما بين اقتصاد وسياسة وأمن؟
أولاً يجب أن نبقى متفائلين. أحبُّ آية في إنجيل (متّى) تقول: ولكنِ الذِي يصبرُ إلى المنتهى فهذا يخلُص.
• يجب أن نصمد نفسياً حتى نصمد جسدياً.
بالطبع. يجب أن نبقى متماسكين نفسياً بشكل أولي، فنسبة كبيرة من الأمراض تبدأ باعتلال نفسي، فيصدق الإنسان أنه مريض، ويمرض بالفعل. كثر هم من سرّعوا موتهم من خلال الاستسلام.
• علينا أن نبقى مؤمنين بربنا رغم كل شيء.
لقد واجه العالم الكثير من الأوبئة ومنها الطاعون الأسود الذي قتل الملايين. وواجه الحروب المدمرة على أشكالها وهي بدورها أخذت الملايين. والعالم لم ينته. وما من مصيبة استمرت طيلة الحياة. فلا بد لكل مصيبة أن تنتهي.
• ما الذي يجعلك تظن أن اللبناني بدأ يضعف؟
لم يبدأ بالضعف فقط، بل صار متشائماً أيضاَ. وهذا تحسينه من الطاقة السلبية في البلد. علينا أن نأمل أن الفترة المتبقية لما نحن فيه، قصيرة جداً، وأن نستغل الوضع الراهن لتحقيق أعمال مميزة لم نكن قادرين عليها من قبل، وهي من صلب شخصياتنا.
• طيب ماذا عن التحليلات على أرض الواقع؟
يضحك آسفاً.. اليوم صباحاً كنت أسمع تقريراً لبنك النقد الدولي يبشر بأن نصف الشعب اللبناني ستصيبه المجاعة. مهما حصل يجب أن نتعلم من تجاربنا ونكمل حياتنا.
• إنكفأ الحديث عن النفط فجأة. بعد أن تصدرت صفحة إحدى الشركات البترولية التي كانت إحدى الشركاء المفترضين، أن لبنان لا يوجد فيه بلوكات نفط، بل هو بئر واحد كبير يمتد من الناقورة جنوباً إلى الدامور. ومن ثم نسمع خبراً مفاده أن النفط في لبنان لا يحق لنا الحديث عنه حتى العام 2028، فما رأيك بإنتاج الغاز؟
أوروبا ستدفع ثمن الغاز اللبناني وسيسرقه الحكام (ممازحاً). لا.. يبدو أن الوضع سيتحسن بسبب الضغط الأوروبي لإنتاج الغاز.
• سوء الإدارة في مختلف مجالاتها في لبنان جعلتنا نخسر الأدمغة. وكأن لم يبق بيننا سوى اثنين: الغبي والذكي الذي لا يملك المال للسفر. أنت أحد الأمثلة على الطاقات اللبنانية التي تسافر، حيث يستثمرها الغرب، ويخسرها لبنان.
بالفعل، نحن نخسر الطاقات الفكرية لصالح استخدامها عالمياً. فلبنان رغم صغره، فيه مبدعين لكن مستمرين بالهجرة. هذا نزيف داخلي لن يتوقف حتى تهدأ أمور البلد. يستدرك.. مهما حصل، أرى أن اللبناني مبدع وإن كان ضمن الحجر. فهو من منزله يدير أموره عبر الأونلاين.
• بالعودة للموسيقى الكلاسيكية. قصة حب راحيل ويعقوب كانت آخر المؤلفات.. فهل من جديد؟
هذه المعزوفة كانت على أجندة الكونسرت الذي كان مقرراً في أكثر من مكان، من بينها بولند وبريطانياً
• أقاطعه.. هل سمعوها قبل اللبنانيين لتكون على قائمة المختارات؟
يضحك بخجل.. بحكم علاقاتي مع بعض الأوركسترات العالمية، كلما سألوني عن جديدي أرسله لهم، ويسعدني حقاً أن يحبوا أعمالي قبل انتشارها.
• جرت العادة أن ينتشر العمل الفني وطنياً ومن ثم إقليمياً وعالمياً.. ما يحصل معك هو العكس تماماً!
هذا أمر رائع بالنسبة لنا كلبنانيين أن تكون المقطوعة عالمية قبل أن تعزف وتشتهر محلياً.
• أخبرتَني ذات مرة أنك تسافر إلى منطقة تشرنوبل حيث جرى الحادث الأليم، لتستعيد بعض الصور الموسيقية ومن ثم تكون معزوفة جديدة، فماذا حصل؟
إنتهت أيضاً. إنها تحمل اسم: يومٌ في تشرنوبل/A Day In Chernobyl.
• رائع، أنت لا تضيع الوقت أبداً. هل ما يزالُ في جعبتك مفاجآت؟
نعم، إنها معزوفة لبيروت. لقد زرت بيروت بعد انفجار المرفأ بأيام قليلة. لكن المقطوعة ما تزال تحتاج بعض اللمسات.
• لا أعرف لمِ أتخيلها تبدأ حزينة، ومن ثم تسطر نوطاتاً فرِحة!
بالفعل. إنها مزيج من الحزن والأمل. فيها أجواء من نمط حزين وكأنه وصف للانفجار، ومن ثم عودة لجماليات بيروت التي لا تنتهي.
نحن بانتظار (بيروت) إذاً
سهير القرحاني
عنوانه على فايسبوك: Johnny Hachem
الرابط: https://www.facebook.com/composer.johnny.hachem/
https://www.facebook.com/888050023/videos/10164427461300024/
محمد سليم سعيد بخش
"القاضي جوني قزّي.."رحلة العمر إلى الجنسية
branding
بغداد احتفلت بابنها النجم هُمام، وهو كرّم الراحلة الكبيرة وردة
عبير الزمان
وائل كفوري.. طفل قضى 40 عاماً من حياته بعد الرابعة دون أن يكبر