أرباب العمل المتوترون جهلة أو ضُعفاء؟
هل تعمل بكفاءة تحت الضغط؟
أحد أهم الأسئلة الذي ينتظر أرباب العمل الإجابة عليه من قِبل المتقدم للعمل لديهم هو: هل تستطيع العمل بكفاءة تحت الضغط؟ وتفسير (ضغط العمل): أن يتحمل الموظف إنجاز الكثير من العمل في وقت قليل، أو يحتاج عمله سرعة ودقة وإتقاناً، أو أن أجواء الشركة فيها الكثير من الحركة، ما يمنع الموظف من التركيز.
هذا التفسير هو ما يعرفه أيضاً معظم المتقدمين للعمل في وظائف جديدة، لكن أعترف أني وكل من يفكر مثلي قد أخطأنا بشمولية تعريفنا لضغط العمل، إذ هناك تفسير آخر على كل مُقْدِمٍ على عمل جديد أن يأخذه بعين الإعتبار، وهو أن بعض أرباب العمل هم الضغط والتوتر بذواتهم، ولا يكفُّون عن الصراخ دونما مبرر، والسبب أن بعضهم جاهلون بكل ما في مناصبهم من معلومات ومستجدات، والبعض الآخر يصبحون أكثر إنتاجية وهم "معصبين".
التجربة ليست وحدها البرهان على أن بعض أرباب العمل ينتجون أكثر وهم في حالة تعكير مزاج، بل أثبتت دراسات أسترالية وأميركية هذا الأمر، وصراخ هؤلاء على موظفيهم لسبب أو دون سبب، يجعلهم متنبهين أكثر لعملهم، وحالة الحزن تجعلهم أقل عرضة للخداع، تقوي ذاكرتهم، وتمكنهم من الحكم على الآخرين بوضوح أكثر.
وأكدت دراسة أميركية في علم النفس صدرت مؤخراً، أن أرباب العمل أصحاب المزاج السلبي لديهم القدرة على التمييز بين الصحيح والخطأ أكثر من السعداء، بسبب المنبهات التي تفرزها أجسامهم عند الصراخ، ويصبحون أكثر حذراً من كل ما يدور حولهم، وأكثر قدرة على التحليل بمنطق خلال المواقف الصعبة، كما يبدعون في الكتابة وهم غير متسرعين باتخاذ القرارت المبنية على أسس عنصرية أو دينية، وباستطاعتهم إقناع الآخرين بطرقهم الخاصة بسهولة.
أرباب العمل المتوترون ليسوا أذكياء..
إذاً ثبت أن أرباب العمل الذين يصرخون بالعمال، ليسوا أذكياء أو أقوياء بل ضعفاء، ونسبة ذكائهم محدودة، كذلك قوة انتباههم بسيطة، وهم يشحذون كل تلك القوى من الإحساس بالحزن، وإفرازاته المنبهة، التي تجعلهم بالتالي يبدون بكامل نشاطهم وانتباههم أمام موظفيهم.
الأذكياء فُطروا على الذكاء، ولا يحتاجون لا للحزن ولا للفرح لكي يكونوا متنبِّهين، منتجين وذوي شخصيات نافذة أمام موظفيهم أو أي كان، وفي مواجهة أصعب المواقف، لكنها فرصة لتعرفوا أن الشخص الذي يصرخ بشكل مستمر، هو شخص لديه ضعف في مكان ما من شخصيته، وإن فكرتم أن تبحثوا عن هذا الضعف لتساعدوه في تخطي عادة الصراخ البشعة تلك، فأنتم مخطئون، لأن حاجته إلى معالج نفسي أو طبيب، لم تعد ناجعة، بعد أن تخطى رب العمل، مرحلة عمرية لم يعد الطب قادراً خلالها على إقناعه بخطأ ما يفعله.
الدليل الأكبر على أن الصراخ ليس من شيم الأذكياء، هو تواتر أدمغة المفكرين والمخترعين والفلاسفة منذ القدم، على صفة واحدة هي الهدوء ويليها طول الأناة والحكمة والتعقل، خصوصاً أمام تلامذتهم، فابتكروا وألّفوا ووضعوا أسس العلوم وما احتاجوا يوماً إلى الحزن لينبههم. وصفة الحزن تلك لازمت بعض الشعراء الذين لم يتحولوا إلى فلاسفة في أي من المواد العلمية ومثال على ذلك أبو العلاء المعرّي، الذي فقد بصره وعائلته وعاش وحيداً، ورغم ذلك كان حليماً يفكر ويحلل في الأدب، ويعلِّم وكان يصب جام غضبه في بعض أشعاره ويعود عنها في قصائد أخرى، لذا حار بعض المشتغلين بتحليل الشعراء في أمر المعري إن كان كافراً أو مؤمناً.
يعترف الطب أن الذكاء يأتي عبر الوراثة، كذلك تعلمه الوالدة لطفلها خلال مرحلة الحمل، أي عندما يكون جنيناً، فتغذيه بأنواع العلوم التي تريد أن يشغلها دون أي صعوبة، وتهذبه عندما يركلها بكلام فيه من التأنيب والحنان في آن، وتحادثه لتعلمه كيفية الحوار والتواصل الإجتماعي، وغيرها من الأمور التي أجريت عليها الدراسات على مدى سنوات طويلة، توصل باحثوها إلى أن الجنين قادر على التعلم بسرعة، والإحتفاظ بتلك العلوم لاستخدامها حين يحتاجها وبسهولة كبيرة لا يجد لها المحللون وصفاً سوى الذكاء.
إحزنوا ولا تغضبوا.. فحزنكم طريق الذكاء
ليست مشكلة قليل الذكاء أنه كذلك، إذ لم يرث الذكاء عن أحد والديه أو أقاربه، ولم يكن بيده حيلة وهو ما زال جنيناً لا يستطيع أن يطلب من أمه أن تعلمه، وأمه لم تكن تعرف أن بإمكانها تعليمه شيئاً وهو لم يولد بعد! ولا مشكلتنا أيضاً أن نتحمل إرادته القوية بأن يبدو ذكياً، في حين هو ليس كذلك، فيصرخ بمن حوله، ويثير جواً من القلق والحزن لغيره، ليبدو ذكياً متنبهاً وقادراً على إدارة الأعمال الموكلة إليه. والحل الأمثل لأولئك الضعفاء حسب المختصين، استبدال الصراخ بالحزن، إذ هم فعلياً يحتاجون الحزن، وليس جعل الآخرين حزانى. كما أن الصراخ لا يعطي النتائج المطلوبة، لذا عليهم أن يبحثوا عن أسباب تحزنهم لأحداث مرّت في حياتهم، يعودون إليها عند الحاجة، ويصبح الأمر بيدهم كمثل الفانوس السحري، دون أن يدري أحد بذلك، ودون أن يكونوا عرضة للكره من الموظفين. وهكذا يبدو الغبي ذكياً لمجرد أن يحزن قليلاً وحده، ودون إيذاء الآخرين أو تعكير أمزجتهم.
فأنتم يا أرباب العمل المتوترون الغاضبون أحد الأسباب الرئيسة في تدمير بعض المجتمعات، إذ يعود الرجل إلى منزله بعد نهار شاق من العمل والضغط النفسي من صراخكم وقلة تهذيبكم، لِيُعكِّر صفو منزله، إذ يُهين زوجته وأطفاله وربما والدته التي حملته في أحشائها ووالده، وتتكهرب الأجواء بالذرّات السالبة، وهكذا يتربى الأطفال على السلبية والصراخ وقلة التهذيب وانعدام الحوار والإحترام لرأي باقي أفراد الأسرة والمجتمع. كذلك قد يحصل مع المرأة العاملة وإلى آخر السلسلة. فاحزنوا ولا تُحزِنوا الناس إن كان هذا يُناسبكم، أو ابقوا في منازلكم لتجدوا طريقة تنشط ذاكرتكم وتجعلكم كباقي خلق الله.
كذلك أنتم السبب بغياب الموظفين لأكثر من مرة، تركهم العمل، الشكاوى، ولتردي حالهم الصحية، ولجعل الدولة عاجزة أمام أكلاف علاج صحي أسبابه الأولى الإنهيارات العصبية التي تؤدي بعد سنوات العمل المضنية إلى خلل في وظائف الكلى، ضمور الكبد، التهاب الزائدة الدودية، آلام الرأس، المعدة، الأمعاء، خلل في الجهاز المناعي وغيرها من الأمراض الجسدية والنفسية.
سهير قرحاني
awwal khabar
مذكّرة توقيف فرنسية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حملت مجموعة "أوميڠا" على الاحتفال أمام منزله بالمفرقعات النارية
https://stevieraexxx.rocks/city/Discreet-apartments-in-Ashdod.php
مذكّرة توقيف فرنسية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حملت مجموعة "أوميڠا" على الاحتفال أمام منزله بالمفرقعات النارية
محمد سليم سعيد بخش
"القاضي جوني قزّي.."رحلة العمر إلى الجنسية