كيف تتقي شر السكري، وكيف تعيش حياة صحية معه؟

كيف تتقي شر السكري، وكيف تعيش حياة صحية معه؟

السُّكري.. يستحق أن يُسمى المرض الخبيث لدى البعض، لكنه أيضاً يستحق أن يُسمى عادياً لدى المرضى المثقفين تجاه الأمراض، أو الذين يسعون للمعرفة العلمية بعد الإصابة به، فيعيشون مع السكري بشكل طبيعي، وتحت إشراف الطبيب، من الغذاء حتى الدواء والراحة النفسية.

تعريف السكري: مرض السكري/Diabetes هو اضطراب في تركيز السكر في الدم، وله سببان، الأول، ناتج عن انخفاض حساسية الأنسجة للأنسولين بسبب وجود مقاومة ضده في تلك الأنسجة، وهي لا تستجيب لمفعول كامل له، ما يؤدي إلى الحاجة لكميات كبيرة، عندها تظهر أعراض السكري. ثانياً، عوز هرمون الأنسولين، وهو ناتج عن عجز خلايا بيتا في البنكرياس عن إنتاج كمية كافية منه، أما سبب العجز فهو تدمير خلايا المناعة الذاتية في البنكرياس.

السكري ثلاثة أنواع رئيسة: الأول، تدمير خلايا المناعة الذاتية في البنكرياس، الثاني، حساسية الأنسجة للأنسولين، الثالث، وهو سكري الحوامل الذي يشبه النمط الثاني من حيث حساسية الأنسجة ضد الأنسولين ومقاومتها عند النساء الحوامل اللواتي لديهن إصابات سابقة في العائلة، أي وراثياً، وهناك بالطبع حالات من مرض السكري غير معروفة أسبابها.

بعض أسباب الإصابة بالسكري: عامل الوراثة، التهاب أو تليف في البنكرياس، نظام غذائي سيئ، سمنة، رعب فجائي، حالات عصبية طويلة الأمد.

أعراض الإصابة بمرض السكر:
- يُفاجأ الشخص أولاً بأن لديه زيادة في عدد مرات التبول خلال اليوم، واستيقاظه ليلاً لذلك، وهذا دليل على حالة بوليوريا
- وبأن فمه جاف، وحاجته للشرب مستمرة بسبب خسارته للسوائل لكثرة التبول، وهي أولى الأعراض التي ينتبه لها من سيصاب بالسكري
- لاحقاً ينتبه إلى أنه يعاني من تعب وإعياء
- اختلاف في الشهية على الطعام ومعظم الأحيان تزداد وتسمى الحالة/polyphagia
- فقدان الوزن لدى البعض بسبب استهلاك مخزون الدهون بدل السكر لإنتاج الطاقة
- فقدان البصر، الذي يبدأ بتشوش في الرؤية، عند زيادة مستوى الجلوكوز في الدم، الذي يترسّب حول العدسات في العين
- التهاب يتكرر في المسالك البولية، أو التهاب مهبلي
- ظهور بقع داكنة اللون على الجلد تبدأ حول العنق
- الشعور بالوخز في الأطراف، أو فقدان الإحساس بها.

محاذير: لا يجب أن يتخطى الإنسان الأعراض الأولى لمرض السكري وهي جفاف الفم، والتبول المستمر، بل يجب أن يذهب إلى أقرب صيدلية لفحص السكر ومن ثم يذهب إلى الطبيب للتأكد من الأمر.

التشخيص المبكر: أعراض بداية مرض السكري قد تظهر وتختفي في البداية، وقد تختلط مع أعراض أمراض أخرى، ما يجعل من الصعب على الطبيب أن يقوم بالتشخيص المبكر، لذا صار لزاماً على المريض أن يقوم بفحص السكر في أقرب صيدلية فور الإحساس بالأعراض، ليتم الكشف المبكر ومراعاة تغيير النظام الغذائي وإشراف الطبيب حتى يتلافى الإنسان أن يصبح مريض سكري، مهما كان سنه صغيراً.

سكري الحامل: تصاب الحامل بالسكري من نوع GDM بشكل فجائي، أما السبب، فيعود إلى مقاومة مشيمة الجنين للأنسولين، فتحتاج كمية كبيرة منه للتخلص من السكر الفائض في دمها، ما يؤدي إلى ارتفاع في السكر Hyperglycemia.
سكري الحمل لا يؤثر على نمو الجنين إذا ما تم علاج المرأة بالشكل الصحيح وتحت إشراف الطبيب المختص، أما إن لم يتم ذلك، فسيؤدي الأمر إلى إصابة الجنين بـِMacrosomia أي: تراكم الدهون في جسده، ولادته بوزن كبير، ضيق تنفس، وبالتالي هو عرضة للنوع الثاني من السكري. والعلاج الفوري للمرأة من خلال الحفاظ على مستوى السكر في دمها، يحمي الطفل من المرض والمعاناة، ويحمي الأم من الولادة القيصرية، كذلك فإن هذه الحالة تزول فور أن تضع الأم مولودها..
ملاحظة: على كل أم لديها حالة سكري وراثية في العائلة أن تهتم بغذائها لكي لا تصاب، وعلى كل حامل تصاب بسكر الحامل أن تتجه بعد الولادة إلى التنبه والفحص المستمر لأنها عرضة للسكري من النوع الثاني، لكن مع الوقاية فليس من سبب للخوف.

متى يحتاج المريض إلى دواء؟
إستشارة الطبيب ضرورية لمجرد الإحساس بأي عارض من تلك الأعراض، أما إن تراخى المريض تجاه نفسه وجسده، فتقع على عاتقه تبعات المعاناة التي سيعانيها بعدها.
عندما يُجري الطبيب التحاليل اللازمة ويطلب البدء بتناول الدواء، يعني أن الحالة صار يلزمها اهتماماً خاصاً عبر العلاج، والذي يكون إما دواءً عبر الفم، أو عبر إبر الأنسولين.

نتائج الإصابة بالسكري إن لم تتم الوقاية أو متابعة المستجدات العلمية حول الموضوع: قد يفقد المرضى بالسكري بعضاً من إحساسهم باللمس، أي قد تحترق رجل أحدهم دون الانتباه لقوة الحرارة، وهذا يؤدي لاحقاً إلى التهابات ومن ثم بتر الجزء المصاب، بسبب عدم القدرة على الشفاء السريع، كذلك هناك حاجة دائمة للطاقة لدى المريض، رغم كثرة السكر لديه، وهذا يؤدي إلى أمراض كبيرة مثل أمراض القلب، الكلى، اعتلال النظر ومن ثم العمى، اعتلال في الأعصاب، التهاب اللثة والأسنان وغيرها من الأمراض الناتجة عن قلة الإهتمام بنظافة الجسم وحمايته، إذ تصبح مناعته ضعيفة لشدة المقاومة. أما من ينتبهون لكل صغيرة وكبيرة في غذائهم فلا يصلون إلى تلك المرحلة أبداً، ويعيشون حياة عادية خالية من الأمراض.

الوقاية العامة: الغذاء السليم منذ الطفولة مسؤولية الأهل، لكن إن كان الأهل غير مثقفين في الأساس، فستقع على عاتق الأطفال الكثير من الأمراض، لذا على كل منّا أن يسعى خلف ثقافة الغذاء والعادات الغذائية الصحيّة لأطفاله، والكبار لأنفسهم، فنحن مسؤولون عن أطفالنا قبل أن يكونوا أجنةً حتى.

مثلاً: الرجل الذي يسعى لتأسيس عائلة، يجب أن يبتعد كل البعد عن التدخين، شرب الكحوليات، الإفراط في المأكولات السريعة، الإبتعاد عن السُّمنة، المشاكل النفسية والعصبية، المشروبات الغازية الملونة ومشروبات الطاقة وكل ما يسبب تلف أو تشوه الحيوانات المنوية لديه ويضعفها، والسعي خلف غذاء متكامل وحياة خالية من الأمراض ومسبباتها والتنبه لكل التهاب يصاب به، هكذا يضمن أن أطفاله سيكونون أقل عرضة للإصابة بالأمراض الوراثية أو تشوهات خلقية وغيرها.
الفتاة التي تسعى لتكون أماً، عليها أيضاً أن تنتبه لحياة غذائية سليمة وتبتعد عن مسببات الأمراض الوراثية، وخلال حملها عليها أن تُطالع الكثير من الكتب حول كيفية عناية الحامل بجنينها، وليس فقط الإستماع إلى الطبيب، فهناك من الأمهات اللواتي يسابقن الأطباء في كثرة معلوماتهن، لكن رغم ذلك عليهن قبل التصرف بأي أمر، أن يطلعن الطبيب على الحالة وأخذ مشورته وهذا ما يضمن أن الجنين سيولد في حالة صحية ممتازة تورث أجيالاً من الأصحاء.

سهير قرحاني

Comments are closed.