(الشلل الرعاشي (باركنسون

..(الشلل الرعاشي (باركنسون

ما هي آخر التطورات على سبيل العلاج والإكتشاف المبكر؟

 

 

الشلل الرعاشي سُمِّي بـِ Parkinson نسبة إلى مكتشفه د. جيمس باركنسون عام 1817، وهو يصيب المرضى ما بين 40 و70 سنة، ونسبة الإصابة به دون سن الـ40 هي 10% فقط. في نهاية العام 2011 كشف علماء بريطانيون أن الباركنسون باستطاعته الإنتقال بالجينات، لكنه ليس مرضاً وراثياً في الحقيقة، إلا أنه يُعتبر مرضاً خطيراً لأنه يطوِّر المشاكل الصحية باستمرار للمريض، كذلك يتطور الطب باستمرار لكشف طرق علاجه وإن لم تكن من طريقة نهائية حتى الآن، وإليكم شرحاً مفصلاً عن المرض بشكل عام وأفضل الطرق لتفاديه، كذلك لحماية المريض من تطور الأعراض لديه، ليعيش حياته أقل ضرراً وبصحة جيدة:

أسباب الإصابة بالشلل الرعاشي (باركنسون):
1- موت وتحلل خلايا عصبية تُعنى بإفراز مادة الدوبامين/Dopamine (موصلات عصبية) في جذع الدماغ، وهي مسؤولة عن ضبط حركة الأطراف وتناسقها بين عضلات الجسم المختلفة. أما تحلل هذه الخلايا فأسبابه غير معروفة حتى اليوم.
2- العامل الوراثي ليس سبباً رئيساً حتى الآن حسب الدراسات الحديثة.
3- تنشُّق بعض أنواع السموم، ومنها: الـPerchloroethylene، الـTetrachloride والـTrichloroethylene أو TCE، وهذه الأخيرة تخضع لشروط خاصة لاستخدامها في الإتحاد الأوروبي بعد اكتشاف تسبُّبها بالسرطان، وهي تعرِّض المريض للإصابة بالباركنسون أكثر بـِ6 مرات، وهذه المادة ما تزال تُستخدم في صناعة الحبر، الصباغ، الفرنيش، مواد التخدير وفي القهوة المنزوعة الكافيين. أما التعرض لهذه المادة فيحتاج 40 سنة من الترسّب في أجسامنا لتبدأ أعراض المرض بالظهور.

الأعراض: في بدايتها تشبه أعراض أمراض عصبية أخرى، لكن بعد تطورها، تصبح كالتالي: بطء شديد في الحركة، تخشب العضلات، رعشة أو رجفة في اليدين أو غيرها من الأطراف.
وبعد فترة من ظهور المرض، وعدم العناية بصحة المريض تُوصله خلال وقت أقل إلى عدم الإتزان، صعوبة في المشي، زيادة في إفراز اللعاب، إنخفاض الصوت، فقدان حاستَي الشم والذوق، صعوبة في البلع وسوء التغذية إن لم ينتبه المريض إلى تحسين عاداته الصحية.
لكن أعراض مرض الباركنسون تختلف من مريض لآخر حسب البنية الجسدية لكل واحد منهم، بالإضافة لمصاحبته لأمراض أخرى.
مشاكل لا علاقة لها بالحركة قد تواجه بعض المرضى، مثل الألم، القلق، الإكتئاب، وهي أعراض غير حركية.

ملاحظة: لا يعاني كل مريض من هذه الأعراض مجتمعة، بل وتختلف بحدتها من مريض لآخر، حسب سنّهِ، كيفية الحفاظ على غذائه، كيفية تعاطيه مع وضعه النفسي وكيفية تعاطي محيطه معه. لذلك يجب على مريض الباركنسون أن يتابع كل المستجدات على صعيد العناية بغذائه، صحته ووضعَيه الجسدي والنفسي.

الوقاية من الباركنسون: تبدأ عادة قبل الإصابة بالمرض عبر غذاء صحّي متوازن لا يخلو من الأملاح المعدنية، المعادن والفيتامينات المتنوعة التي يحتاجها الدماغ وبكميات وافية ليقوم بكل نشاطات الجسم دون تقصير، وليؤسس لجهاز مناعة قوي يحمي من مختلف الأمراض.

كذلك يجب على كل إنسان يرى كوابيس مستمرة خلال نومه بعد سن الأربعين، أن يجري تصويراً إشعاعياً مقطعياً/ Serial Photons Axial Computerized Tomography لقياس نسبة مادة الدوبامين في دماغه قبل تطور المرض وظهور أعراضه، لأن هذه الحالة تعني أن هناك نقصاً في الدوبامين، وعليه يجب تغيير نمط عيش هذا الشخص، وتحسين العادات السيئة في حياته، وإعطائه الدواء المناسب لتحفيز إفراز الدوبامين، وهذا يندرج تحت خانة الكشف المبكر لمرض الباركنسون، إذ إن 45% من المرضى تحصل لديهم هذه العوارض خلال النوم.

الإكتشاف المبكر: ليس من اكتشاف مبكر للمرض، ويتم تشخيصه من قِبل طبيب الأعصاب خلال الفحص السريري للجهاز العصبي، أي بعد أن تبدأ الأعراض بالظهور بشكل واضح.
لكن هناك أعراض إن اجتمع معظمها لدى مريض واحد تعني أنه مقبل على الإصابة بالباركنسون، وهي أعراض لا تكون وقتية بل مستمرة على غير الطبيعي:
- تغير الخط عندما يكتب، فيصبح أصغر بكثير مما كان عليه
- اهتزازات بالذقن، الإصبع، اليد، الشفاه
- الوخز في الإطراف
- اهتزاز اليد خلال المصافحة
- اهتزاز الرجل خلال حركة الجلوس
- فقدان حاسة الشم، مثلاً أن المريض لم يعد يشم رائحة بعض الأطعمة بنفس القوة سابقاً
- الركل خلال النوم
- السقوط عن السرير خلال النوم
- أرق أو أحلام مخيفة باستمرار
- تصلب بالرجلين أو الذراعين، وقد يظهر خلال المشي أو الحركة، أي كأن لا تكون الذراعين لينة خلال المشي، وتبدو متصلبة
- أن تصبح الخطوات ثقيلة
- تغير عادة إخراج الأمعاء يومياً لتصبح صعبة على الرغم من تناول المغذيات والمياه والألياف بالكميات اللازمة وانعدام السبب
- أن يخبر الناس المريض أن صوته أصبح خافتاً عن السابق، أو ليناً أكثر
- تحوّل وجه الشخص إلى جدي بشكل دائم على غير عادة
- الإصابة بالدوار (الدوخة) دون سبب
- الوقوف مرتخياً قليلاً

على أن تكون كل هذه الأعراض مستمرة ولا تعود إلى حالها الطبيعي بعد انعدام السبب.

علاج مرض الباركنسون:
1- العلاج الدوائي: تتكل الأدوية على مركَّب أساس مشابه للدوبامين الذي يفقده الدماغ. يبدأ المريض بتناوله بعد التأكد من الإصابة بالمرض، من خلال الفحص السريري، لكن الدواء يكون فعالاً في بدايات المرض، وبعد توقفه عن إعطاء نتائج إيجابية، وظهور ردّات فعل سلبية على المريض، يحتاج حينها إلى إجراء جراحة للدماغ.

مضاعفات العلاج الدوائي: يؤدي تناول الدواء لفترات طويلة إلى آثار جانبية مشتركة تحصل بعد سنوات من تناولها، ومنها:
1. ضعف في امتصاص البروتين عبر الأمعاء.
2. فقدان الشهية ونقصان الوزن.
3. أو الشراهة وزيادة الوزن.
4. الإستسقاء (إحتباس المياه في الأنسجة) وزيادة الوزن.
5. أو خسارة كمية مياه كبيرة من الجسم إلى حد الجفاف ونقصان الوزن.
بالتالي تضعف الكثير من الأعضاء الداخلية مثل الكلى، الرئتين، الدم وعمل الدماغ.

2- العلاج الجراحي: تتطور جراحات الدماغ لمرض الباركنسون باستمرار، لكن ليس من شفاء نهائي للمريض، وتُجرى الجراحات فقط حينما يتوقف الدواء عن الإتيان بنتيجة، وتبدأ أعراضه الجانبية بالظهور بقوة، ويصبح المرض غير مسيطَر عليه نهائياً، والجراحة نوعان:
أ- الكي: وهو حرق جزء صغير جداً من أحد المراكز المسؤولة عن التحكم بالحركة في الدماغ، ليستعيد المركز اتزانه.
ب‌- التنبيه الكهربائي: وهي عملية جديدة يتم خلالها زرع إبرة كهربائية أو أكثر في الدماغ، داخل المراكز المسؤولة عن الحركة، وتعمل على بطارية تزودها بالطاقة تزرع بدورها في منطقة الصدر.

لحياة صحية لمريض الباركنسون، يجب أن يحافظ على:
1- حاسة البصر
2- نظافة الأمعاء وخلوها من الرواسب والبكتيريا
3- نظافة المأكولات لتبقى المعدة بحالٍ جيدة لأنها أساس صحة الإنسان، ولتلافي الأمراض
4- تغذية الأعصاب والعضلات

الغذاء الصحي:
- المياه: على مرضى الباركنسون أن يحافظوا على مستوى معين من التغذية، أولها شرب كميات كبيرة من المياه، بحسب وزن الجسم، للحفاظ على رطوبة الأمعاء والجلد، وإيصال الكميات اللازمة من الأوكسيجين للدماغ، وإلا خسر الدماغ الكثير من وظائفه بسبب موت الخلايا الدماغية، مما يسبب تدهوراً بحالة المريض بسرعة.
- الطعام: يحتاج مريض الباركنسون إلى غذاء متوازن، صحي ومستمر، والحفاظ على وزن جيد، بذلك نحافظ على أكثر أعضائه أهمية من التلف ونطيل عمرها، وهي: العظام، العضلات، الأعصاب وخلايا الدماغ، لأنها الأكثر عرضة للتلف، لذا يجب أن يحوي طعامه مختلف أنواع المغذيات وخصوصاً مغذيات العظام والأعصاب والعضلات.
فنقص الكالسيوم، يسبب للمريض هشاشة في عظامه، رجلاً كان أو إمرأة، وهو أكثر عرضة من غيره من الناس لفقدان الكالسيوم. ويدعمه الفيتامين D وكذلك أشعة الشمس، وكله يساعد على استمرار نمو العظام ويعطيها صلابة أكبر. ودون شك فإن المريض بحاجة لمقويات الدم كذلك إلى الأملاح المعدنية مثل الماغنيزيوم، التي تحافظ بطبيعتها على قوة الأعصاب والدماغ والعضلات، ما يساعدها على التجدد والنمو باستمرار، يحميها من التلف ويعيد تجديد خلاياها. كذلك يجب أن يتضمن الطعام الكثير من الألياف لتسهيل عملية الهضم في المعدة والأمعاء، بذلك نتحاشى الإمساك الحاد الذي قد يؤدي إلى دخول المستشفى للعلاج وربما الحاجة لعملية جراحية، فحركة أمعاء المريض تصبح بطيئة بسبب المرض.
- الرياضة الخفيفة: مثل المشي البطيء على طريق مستقيمة، يساعد على تخفيف أعراض المرض، يقوي العضلات، الأعصاب، القلب والعظام.

أهم أنواع الطعام التي يجب أن يحويها النظام الغذائي للمريض:
مصادر الألياف، الفيتامين C، D، K، مغنيزيوم، كالسيوم، أحماض أمينية وسيلينيوم، شرط أن تؤكل مصادر الفيتامين C نيئة، إذ يتحلل هذا الفيتامين كلياً في الطهي، مثلاً القلقاس يحوي 100% فيتامين C لكننا لا نأكل القلقاس إلا مطبوخاً، إذاً القلقاس بعد الطهو لم يعد مصدراً للفيتامين C.

مصادر الفيتامينات المطلوبة لمريض الباركنسون:
C (وعادة تكون نيئة غير مطهوة أو معرضة للسخونة إطلاقاً): بقدونس، كرّاث، حبق، كزبرة، جرجير، رشاد، فليفلة حلوة، أنديف، خس، عنّاب، نعناع، دوريان، أرضي شوكي، قشطة، أناناس، فليفلة حلوة، ثوم، جوافة، هندبة، خرمة، كيوي، ملفوف، مانغا، شمام، بابايا، خوخ، فجل، سفرجل، فريز، بندورة، بطيخ.
K: الهليون، كرّاث، سبانخ، حبق، كزبرة، بازيلاء، أنديف، خس، أرضي شوكي، بامية، جرجير، رشاد، هندبة، كيوي.
D: خروب.
كالسيوم: عنّاب، سمسم، نعناع، أرضي شوكي، خروب، سبانخ، حبق، قشطة، ذرة، جوز الهند، فليفلة حلوة، ثوم، جوافة، خرمة، كيوي، ملفوف، مانغا، شمام، قريدس، فريز، بندورة.
مغنيزيوم: عدس، بذور دوار الشمس، أنديف، سمسم، نعناع، دوريان، صبير، أرضي شوكي، بامية، قلقاس، قمح، سبانخ، حبق، تمر، كزبرة، جرجير، أناناس، ذرة، جوز الهند، فاصولياء، ثوم، كيوي، مانغا، شمام، سفرجل، قريدس، فريز، بندورة، بطيخ.
ألياف: عدس، بذور دوار الشمس، جزر، نعناع، دوريان، بامية، قمح، تمر، ذرة، جوز الهند، فاصولياء، ثوم، جوافة، كيوي، ملفوف، مانغا، شمام، سفرجل، بطيخ.
سيلينيوم: قمح، سردين، ثوم.
من خلال تناول غذاء صحي:
- يتفادى المريض تطور عوارض المرض بسرعة.
- يقلل الإصابة بالأمراض التي من شأنها إضعافه بسرعة.
- يحافظ على جسمه من الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري، إرتفاع ضغط الدم، الكوليسترول، أمراض القلب والشرايين، النسيان وغيرها.
- يحافظ على عمل أعضائه الداخلية قدرالإمكان.
ملاحظات:
- يجب أن يحوي طعام المريض كميات عالية من الألياف، حبوب كاملة، خضار ملونة وخضراء، على أن تؤكل الخضار نيئة وطازجة.
- إن كان هناك صعوبة في المضغ أو البلع فلا بأس من تناول الخضار المسلوقة مثل الجزر، البروكولي، الكوسا وغيرها بدل تناولها نيئة.
- من المهم تناول الحبوب الكاملة وليس المقشورة، كما يجب تناول الأرز الأسمر، بدل الأبيض الذي يحوي مواد مبيضة كيميائية وإضافات مضرة بالجهاز العصبي المركزي.
ملاحظة: يجب على المريض متابعة كل هذه التفاصيل مع طبيبه الخاص بالمرض، طبيب الصحة العامة، أخصائي التغذية، وطبيب أعصاب الرأس ليكونوا هم الدليل الأول له لما يتوجب عليه عمله نسبة إلى حال المرض لديه وعدد الأمراض التي زادت بسبب الباركنسون.

ملاحظة علاجية هامة
إستحضر إلى لبنان علاج جديد لإصابات العمود الفقري يدعى Neuroskeletal Therapy، وتبين أن هذا العلاج بما أنه يرتكز على حث أعصاب أعضاء الجسم على العمل بشكل جيد، فإنه مفيد لمرضى الباركنسون في تخفيف حالات الألم وشفاء بعض الأمراض المتصلة بالمرض نفسه.
من مشاهير مرضى الباركنسون:

- الملاكم العالمي محمد علي: وقد افتتح مركزاً لهذا المرض (Mohammad Ali Parkinson Center ) بتاريخ 3 كانون الأول/ديسمبر 2009 في Joseph's Medical Center في ولاية أريزونا، والذي عانى لسنوات طوال من أعراضه بعد أن أصيب به عام 1984، وتوفي بتاريخ 3 حزيران/يونيو من العام 2016 عن عمر 74 عاماً بعد أن أنهكه المرض.

                            

- أدولف هتلر: لم تكن إصابته مؤكدة حتى رؤية فيلم تبدو فيه يده اليسرى ترتعش، وفي فيلم آخر بدا غير متمكن من نطق كلماته.
أحدث الدراسات: في نهاية العام 2011، نشرت صحيفة Daily Mail نجاح جراحة أجريت لفئران مختبر زرعوا لها خلايا جذعية، لإعادة بناء (الدوائر الدماغية) في المخ، وتلك الخلايا تم ربطها بالخلايا الموجودة، وأعادت بنفسها تركيب شبكة كهربائية جديدة، وبثت رسائل لإعادة السيطرة على الإحساس بالشبع، وهذه التجربة ستستمر على الثديات إلى حين إثبات نجاحها على البشر، ما يمنح الأمل لمرضى التوحد، الصرع والباركنسون في إعادة السيطرة على الجهاز الحركي والعصبي لديهم.

إهداء إلى السيد جورج خوري ومرضى الباركنسون في لبنان والعالم.

سهير قرحاني

Comments are closed.