إتَّهَمَتني بأني أسخر من نجمها المحبوب.. ولم تعرف أنها طعنتني في الصميم

فاجأتني صبية من معجبات الروك ستار فادي أندراوس، بُعَيْد صدور المقالة الناقدة لأغنية "أهواك أهواك"، عبر رسائل خاصة على الفايس بوك، تعاتبني فيها بأني سخرتُ من نجمها المحبوب!! ربما ليست المرة الأولى التي يفهمني فيها أحدهم خطأ.. ولن تكون الأخيرة، لأني ومذ بدأتُ حياتي الصحافية، بدأتُ كتاباتي باللغة العربية ذات المعاني، والتي لم أكن أعرف غيرها. حقاً لم أكن هامشية أو سطحية لأكتب كما الجملة الشهيرة: "أكل الولد التفاحة".
هذه الصبية أعتبرها كأخت صغيرة لي، لن أذكر اسمها، إذ قد تفهم أني أشهِّر بها، والعياذ بالله. إنما ما لا تعرفه هي أنها جرحتني في الصميم، وأن الصميم هذا يحتفظ بمكانة خاصة لـِ فادي، وهي مخصصة للأصدقاء المقربين، إذ أنه محبوب من معظم الصحافيين. أنْ أسخر منه، هذا مستحيل، وأن أسخر من أي أحد آخر، مستحيل أيضاً، لأني لستُ كذلك. وأن تتهمني بذلك، وكأن جرح طعنتها لي وصل أعماقي دون رحمة. "شوفوا سخرية أستاذ مروان نجار على نهاية مسلسل شغل الناس فترة وقد يكون حقه". لكني فقط أكتب النقد الكامل، الذي يقابله التصحيح الفوري للخطأ.
كعادتي، عندما أسمع ما يجرحني، تبرد أعصابي بدل أن تتوتر، وهكذا، سمعتُها، وأجبتها، وفهِمَت قصدي، ولكن بعد أن اتهمتني، وقبل أن تسألني ما القصد من هذه الجملة أو تلك.
المشكلة أني وحتى في رمضان – بما أنه قريب – تبرد أعصابي، بدل أن أصرخ بالناس يمنة ويسرى. وأزيدكم، أني في أصعب أيام ألمي، أفترش البرودة والتروي، وإن كان بركانٌ من ألم يعتريني، وقلّما أحوله لغضب. هل تعلمون لماذا؟ لأني عندما أغضب، أثور كالبركان حقاً، وما أنثره من كلمات، يحرق مثل حمم البركان، ويترك أثراً أسود بعد حين، كما يفعل البركان. لأجل ذلك كله، قررتُ وأنا في التاسعة من عمري، أن أتوقف عن الثوران، وإن كنتُ على حق، إذ لم أكن أتعدى حدودي مع أحد، ولا أعتدي على أحد، دون سبب قاهر. وأعرف ذلك لأن أهلي كانوا يسألوني بعد كل ردة فعل لي، عما فعله بي مَن أذاني، لأفعل ما فعلته به، ويكون الرد من قِبل المشاهدين ومعظمهم كانوا من أهالي المعتدين، قبل رَدِّي، وكانوا يعترفون بخطأ أولادهم. هكذا عرفتُ أني كنتُ دوماً على حق.


بعد أن اتهمتني معجبة فادي، صدر بيان عنه، يوضح ما أراد إيضاحه. ولكي لا يظلمني أحد آخر مُعتقِدٌ أني سخرتُ من نجمهم، لكم شرح القصد:
قبل كل شيء، كنتُ قد راسلتها بالتالي، وهو شرح تفصيلي لسبب نقد الأغنية في هذا الوقت، وفيه: "ما تزعلي لما تشوفي نقد أغنية أهواك لو سمحتي، قصدي بس إنو ما يعتمد على حدا، وحتى ما بقى حدا من الفانز يزعل منو، وحطيت كتير قصص حلوة عنو، إذاً ما في زعل".
لكنها ورغم ذلك سألتني: "مش غريب تكتبي نقد بعد كل هالوقت وصرلو زمان كتير نزل الكليب؟
مع العلم أني شرحتُ السبب في العنوان، حيث قلت: بانتظار جديد النجم فادي أندراوس.. أهواك اهواك تحت المجهر. وحقيقة، لم أشأ أن أنتقد بعد صدور الكليب مباشرة، كي لا أكون قاسية.
وقالت: ما بعرف ما حسيت إنو نقد قد ما هوي مسخرة عا كل شي في وعا فادي حتى بالمقدمة عم تتمسخري وتقولي بيقدم عمل كل سنة، زوروني كل سنة مرة. ولو ما بدا هلقد كل هالحكي على كليب وكل المشكلة كليب. لك رامي عيّاش عمل مجازر بمسلسلو وعطوه جائزة بالآخر.
مقدمة النقد: يُطل علينا "روك ستار العرب" فادي أندراوس في عمل جديد مرة كل عام أو أكثر، وكأنه يعيش في "كبوة" تحت عنوان "زوروني كل سنة مرة" - بالإذن من الشاعر محمد يونس القاضي - ليعود بعدها، بأغنية جديدة، قد تُبهر محبيه، أو قد يعترضون عليها، رغم محبتهم له.
"وين المسخرة" إن استعرتُ جملة لشاعر تُعبِّر عن حقيقة الأمر، لكن بخفة دم؟ أين السخرية إن كنتُ قد بدأت كلامي بـِ احترام ما بعده احترام حينما وصفته بـِ (روك ستار العرب)؟ وختمتها بـِ (رغم محبتهم له)، أي مهما فعل وإن اعترضوا، وذلك شاهدناه من خلال تعليقاتهم المعترضة على الكليب، فهم يحبونه.
وكل الكلام المعسول الذي تلا تلك الجملة لم تره معجبة فادي، وفيه: فادي أندراوس الذي أحبه الناس من خلال يومياته عبر برنامج "ستار أكاديمي"، إحتل قلوبهم بسرعة كبيرة، بكل ما في شخصيته التي قلّما تشبه أحداً، ورغم ميله نحو الأغنيات الغربية. كما تميز بـِ ستيله الخاص في ملابسه وأكسسواراته وشعره، ورغم تلك القشور التي يعشقها البعض في نجومهم، إلا أن الأندراوس تميز حقاً فيما بعد، بنظرة إخراجية فاجأتنا، واعتدنا عليها.
تلا المقدمة: فادي.. "أهواك" وعثرات بالجملة..
هذا العنوان يعني أني استعرت كلمة أهواك من إسم الأغنية، لأقول له: فادي، أحبك، لكنك أخطأت. وذلك كمثل الصديق الذي لا يعسِل كلاماً كاذباً لصديقه، ويتركه يُخطئ. نعم لي الجرأة بأن أصحح أخطاء أصدقائي ليصححوا هم بدورهم أخطائي، ولا مشكلة عندي بالأمر.
بعدها: نعم، "أهواك اهواك" لم تكن على قدر التوقعات إخراجياً، رغم جمال معظم الأفكار فيها، وإن لم تدخل تلك الأفكار صلب الموضوع، وإن لم تكن متواترة، لكنها ومن المشهد الأول، ذي الفكرة الجميلة، التي صارت طابعاً رسمياً باسم الأندراوس، بعد ورودها في أكثر من كليب لك، وهي التأمل، نرى المشهد وبكل أسف، تفترش أرضه عثرة ما بعدها عثرة.
والشرح، أني قلت أن أفكار فادي جميلة بمعظمها، رغم أنها لم تدخل ضمن موضوع الأغنية، إذ لا يهم، وإن لم تكن "متواترة" يعني متتالية، أي، مثل المشهد الأول، الذي أكمله فادي بعد عدد من المشاهد، وهذا لم يكن سيئاً، بل على العكس كان جميلاً، وجاء يُذكرنا، أن بعد فترة من التأمل، هناك الإشراق، وهو السمو بالنفس والروح والجسد، نحو التواصل مع الله. واعتبرت هذه الثقافة العالية المعاني، والصعبة على العامة من الشعب، أن يقوموا بها، اعتبرتها طابعاً خاصاً بالأندراوس، إذا قدمها في أكثر من كليب.. "إنو عا شوي عملتو الفيلسوف والطبيب والشيخ إبن سينا!! ومش ندمانة على فكرة، لأني بعرف قديش بيفهم ومثقف".
أما جملة: نرى المشهد وبكل أسف، تفترش أرضه عثرة ما بعدها عثرة. وتعني شرحاً كاملاً ذكرته بعدها: المشهد الأول: لا أحد يُنكر أن ثقافة التأمل من أهم الثقافات القديمة الحديثة، والتي اشتهرتَ يا فادي بممارستها، ولا شك أن فكرة البداية معها جميلة، لكن.. "شو جاب أرض حديثة لقلعة عمرها أكثر من ألف عام"؟ أو مكان حَمَل القِدَم بكل أركانه؟ هذا دون ذكر تفاصيل صغيرة من بينها الشموع.


كل الكلام الجميل أول النقد "ما كأني قلته" أما نقد أرض القلعة، فلم يكن فيه سخرية، على قدر جديته، إذ التاريخ يعني لي الكثير. وإن تطلَّب الأمر شرح ما قلته في أول مشهد، فهذه مصيبة، إذ لا كلام غير مفهوم فيه.
ولن أتابع الشرح، إذ على القارئ العربي أن يفهم عربي. وبما أن تساؤلات الفتاة قد تكون وصلت لـِ فادي، وأغلب الظن أن ذلك قد حصل، وأقول ذلك لأنه رد في بيان عبر حسابه الخاص على تويتر، باقتضاب، وليس عبر الصحف، معيداً لبعض ما قلتُه أنا في مقالة النقد خاصتي، ومنها أن لا قصة للكليب، وأنها مشاهد منفصلة. لكنه للأسف، وضمن بيانه، انتقد تصوير أغنيات غيره بكلمة "استفرغناهن"، مع العلم أنها كلمة كبيرة مؤذية ومستفزة لغيره من الفنانين. لكن البيان كان باللغة الإنكليزية، إذ من الواضح أن فادي فقد الأمل بأن يفهم عدد كبير من الشعب العربي عربيته. "وما رح ترجم اللي قالو فادي، ترجموه إنتو" وبما أنه لم يصرّح ضدي، إذ من المؤكد أنه فهم قصدي وهو المثقف العارف، وهذا مؤكد مما جاء في تصريحه، فإني له من الشاكرين، إذ أبقى لديّ الأمل بوجود غير الأعاجم في بلدي. وجميلٌ تواضعه في آخر البيان إذ قال: بالنسبة لي هذا العمل ليس كاملاً، لأني أسعى إلى المزيد.
لكني مصرة على كل ما قلته وخصوصاً في نهاية النقد لـِ كليب أغنية أهواك اهواك، وبما أن كلام الملوك لا يُعاد، وبما أني لستُ ملكة، فباستطاعتي إعادته، وهو:
(وبانتظار إعادة النظر فيما آل إليه حال هذا الكليب، إنِّي وجمهورك ومحبيك في لبنان والعالم العربي، ننتظر منك التعويض عمّا سلف ذكره، بعمل آخر يحمل بصماتك الإخراجية، ونظراتك التصويرية العميقة، وأفكارك الإبداعية، ولمساتك غير العادية).
"لو سمحتوا، قبل ما إنسى، مش أنا اللي قلت إنو البوب ستار رامي عيّاش عمل مجازر بالتمثيل، الصبية هيي اللي قالت". مع العلم أني لم أقل شيئاً سيئاً عن أداء فادي، على العكس، وأنا العارفة أن التمثيل لديه أسهل من لعب الورق.
فادي أندراوس.. لكَ مني كل الإحترام والتقدير على مجهودك غير العادي لبقائك على الساحة الفنية، ولجمهورك الذي وقف إلى جانبي، مُحْتَرِماً رأيي، عارفاً ومتأكداً بأني لم أسخر منك، وإن كان عبر الرسائل الخاصة.
سهير قرحاني

Comments are closed.