أرامل سوداء أنتم ولستم صحافيين. متى ستعرفون يا حمقى أن خبر الموت صعب، وأن لهؤلاء النجوم عائلات؟

صحافيون مدّعون أنتم.. تأخذون من الناس كل ما يفيدكم ويأخذكم نحو الشهرة، وإن كان خبر موت فنان أوفنانة. ويعلم الله كم سيقرب أحباء هؤلاء من الموت حين سماع الخبر..
أرامل سوداء أنتم، تقتل أزواجها بعد أن تأخذ منهم عينات لتحصل على أطفال، وأنتم تأخذون ما يوجبه عليكم طريق الشهرة مهما سببتم من أذى.
جهلكم بمشاعر الناس التي لا يهمكم منها سوى خبر يأتي عليكم بآلاف المشاهدات والزيارات لمواقعكم، لا يجعلكم أبرياء.. فالجهل بحد ذاته إثم مليء بشتى أنواع الآثام..
يا لقبح عقولكم. يا لقذارة قلوبكم. يا لظلمة ما تراه أعينكم. كل ما فيكم أسود وقذر وقبيح.
بعد ظهر اليوم، قرأت خبر موت نجمة لبنانية على هاتف أحدهم، أخبرني عنه حينما كان يتصفح صفحته على فايس بوك.. فوراً أخبرني عقلي أنه كذبة.. فلو كان حقيقياً لوصلني من جملة الأخبار التي تصلني تباعاً خلال اليوم.
أخذت هاتفه، وبدأت أقرأ الخبر.. عدت ونظرت إلى التاريخ، ثم إلى الوقت، ثم إلى إسم الصفحة، لكني للأسف لم أنظر إلى اسم صاحبها على الفايس بوك.
أعدت قراءة الخبر، ومن ثم أخذت هاتفي أبحث بين الأخبار علني أجد شيئاً، ولم أجد.
ثم عدت وتابعت ما تبقى من الخبر، فهالني ما فيه، حيث قالوا أن وفاة هذه النجمة مؤكد، والأسباب، ثم توقفت، بعد أن أحسست بالخوف، وأخذت هاتفي واتصلت بصديق مشترك بيني وبينها.

فوراً وبعد أن رد عليَّ بأول الكلمات، قلت له: "من صوتك يعني ما في شي".. فقال لي: "ليه شو في".. فأجبته: خبر قرأته عن الفنانة (..) ومن صوتك وطريقة كلامك عرفت أن الخبر كذبة.. فجأة قال: أقفلي سأكلمك لاحقاً. وبعد ثوانٍ، عاد يتصل بي مطمئِناً إياي أنها بخير.. ودون وعي مني، قصدت الله بهم.. وعدت وشكرت الرجل وشكرت الله على أنها بخير.
عدتُ أبحث علني أجد لهذه الصفحة موقعاً خاصاً بها، لكني لم أجد، ورأيت أن الخبر قديم عمره سنوات، وهم استغلوا إعادة بثه للحصول على بعض المتابعين.
متى سيعرف هؤلاء الحمقى أن خبر الموت صعب، وأن لهؤلاء عائلات؟
متى سيعرفون طعم الألم؟ هل عندما يموت لهم هم أحد أبنائهم؟ سحقاً لهم. ليتهم جميعاً يبتعدون عن الصحافة.
وأنا التي كنتُ أراقب بعض الذين تعدوا على الصحافة وأقول بيني وبين نفسي كيف أنهم توقفوا عند اللا خبر.. لقد توقفوا عند تعداد كم وصل متابعوا فلان من النجوم الكبار، لكي يبقوا في ركبه، لئلا يعودوا إلى الحضيض الذي جاؤوا منه.. وأقصد بالحضيض الذي ارتفعوا من خلاله عبر الوسوسات ورمي الشائعات على نجوم ربما لم يروهم يوماً..
"خليهم يعدوا، أشرف بكتير". جميعهم من نفس القافلة التي تعِدُ بركب الشهرة على حساب أي كان وكيفما كان ودونما تردد. هم فقط كالأرامل السوداء، قمة في الأذى.
سهير قرحاني

Comments are closed.